وعلى هذا الأساس صحّ قتل معاوية عبد الرحمن بن خالد لمّا أراد البيعة ليزيد ، أنّه خطب أهل الشام وقال لهم : يا أهل الشام إنّه قد كبرت سنّي ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاماً لكم ، إنّما أنا رجل منكم فروا رأيكم ؛ فأصقعوا واجتمعوا وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد (١) فشقّ ذلك على معاوية وأسرّها في نفسه ، ثمّ إنّ عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيباً عنده يهوديّا وكان عنده مكيناً أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانخرق بطنه فمات ، ثمّ دخل أخوه المهاجر ابن خالد دمشق مستخفياً هو وغلام له فرصدا ذلك اليهودي فخرج ليلاً من عند معاوية فهجم عليه ومعه قوم هربوا عنه ، فقتله المهاجر.
ذكره أبو عمر في الاستيعاب (٢) (٢ / ٤٠٨) فقال : وقصّته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها. ذكرها عمر بن شبّه في أخبار المدينة ، وذكرها غيره ، وذكرها ابن الأثير في أُسد الغابة (٣) (٣ / ٢٨٩).
وعلى هذا الأساس يتمّ اعتذار شمر بن ذي الجوشن قاتل الإمام السبط في ما رواه أبو إسحاق ، قال : كان شمر بن ذي الجوشن يصلّي معنا ثمّ يقول : اللهم إنّك شريف تحبّ الشرف ، وإنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : ويحك فكيف نصنع؟ إنّ أُمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ، ولو خالفناهم كنّا شرّا من هذه الحمر الشقاة (٤) (٥).
__________________
(١) صحابي من فرسان قريش له هدي حسن وفضل وكرم إلاّ أنّه كان منحرفاً عن عليّ وبني هاشم. أُسد الغابة : ٣ / ٢٨٩ [ ٣ / ٤٤٠ رقم ٣٢٨٧ ]. (المؤلف)
(٢) الاستيعاب : القسم الثاني / ٨٢٩ رقم ١٤٠٢.
(٣) أُسد الغابة : ٣ / ٤٤٠ رقم ٣٢٨٧.
(٤) تاريخ ابن عساكر : ٦ / ٣٣٨ [ ٢٣ / ١٨٩ رقم ٢٧٦٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٠ / ٣٣٢ ] ، ميزان الاعتدال للذهبي : ١ / ٤٤٩ [ ٢ / ٢٨٠ رقم ٣٧٤٢ ]. (المؤلف)
(٥) في المصادر الثلاثة المتقدمة : السقاة.