وفي لفظ ابن كثير : فجمعت يداه إلى قفاه وألقي في النار فحرّقه وهو مقموط (١).
قال الأميني : القول في هذا كالذي سبقه من عدم جواز الإحراق بالنار والتعذيب بها ، على أنّ الفجاءة كان متظاهراً بالإسلام وتلقّاه الخليفة بالقبول يوم أعطاه ظهراً وسلّحه ، وإن كان فاسقاً بالجوارح على ما انتهى إلى الخليفة من يقين الخبر ، ولم يكن سيف الله مشهوراً هاهنا حتى يتورّع عن إغماده ، ولا يُدّعى مثله لطريفة حتى يكون معذّراً في مخالفة النصّ الشريف ، ولعلّ لذلك كلّه ندم أبو بكر نفسه يوم مات عن فعله ذلك كما في الصحيح الآتي إن شاء الله تعالى. فإلى الملتقى.
والعجب كلّ العجب من دفاع القاضي عضد [ الدين ] الإيجي عن الخليفة بقوله في المواقف (٢) : إنّ أبا بكر مجتهد ، إذ ما من مسألة في الغالب إلاّ وله فيها قول مشهور عند أهل العلم ، وإحراق الفجاءة لاجتهاده وعدم قبول توبته ، لأنّه زنديق ، ولا تقبل توبة الزنديق في الأصحّ.
وجاء بعده القوشجي مدافعاً عن الخليفة بقوله في شرح التجريد (ص ٤٨٢) : إحراقه فجاءة بالنار من غلطة في اجتهاده ، فكم مثله للمجتهدين!
إقرأ واضحك أو ابك ، زه زه بالاجتهاد تجاه نصّ الكتاب والسنّة ، ومرحباً بمجتهد يخالف دين الله.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٣٤ [ ٣ / ٢٦٤ حوادث سنة ١١ ه ] ، تاريخ ابن كثير : ٦ / ٣١٩ [ ٦ / ٣٥١ حوادث سنة ١١ ه ] ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ١٤٦ [ ٢ / ٢٧ حوادث سنة ١١ ه ] ، الإصابة : ٢ / ٢٢٣ [ رقم ٤٢٤٤ ]. (المؤلف)
(٢) المواقف : ص ٤٠٣.