في حربه تلك. قال : فخرج خالد حين رضي عنه أبو بكر ، وعمر جالس في المسجد فقال خالد : هلمّ إليّ يا ابن أمّ شملة. قال فعرف عمر أنّ أبا بكر قد رضي عنه ، فلم يكلّمه ودخل بيته.
وقال سويد : كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شَعراً ، وإنّ أهل العسكر أثفّوا برءوسهم القدور ، فما منهم رأس إلاّ وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكاً فإنّ القِدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره ، وقى الشعر البشَر حرّها أن يبلغ منه ذلك.
وقال ابن شهاب : إنّ مالك بن نويرة كان كثير شعر الرأس ، فلمّا قتل أمر خالد برأسه فنصب إثفية (١) لقِدر فنضج ما فيها قبل أن يخلص النار إلى شئون رأسه.
وقال عروة : قدم أخو مالك متمّم بن نويرة ينشد أبا بكر دمه ويطلب إليه في سبيهم فكتب له بردّ السبي ، وألحّ عليه عمر في خالد أن يعزله ، وقال : إنّ في سيفه رهقاً. فقال : لا يا عمر لم أكن لأُشيم سيفاً سلّه الله على الكافرين.
وروى ثابت في الدلائل : إنّ خالداً رأى امرأة مالك وكانت فائقة في الجمال ، فقال مالك بعد ذلك لامرأته : قتلتني. يعني : سأُقتل من أجلك (٢).
وقال الزمخشري وابن الأثير وأبو الفداء والزبيدي : إنّ مالك بن نويرة رضى الله عنه قال لامرأته يوم قتله خالد بن الوليد : أقْتَلْتِني. أي عرّضتني بحسنِ وجهكِ للقتل لوجوب الدفع عنكِ ، والمحاماة عليك ، وكانت جميلة حسناء تزوّجها خالد بعد قتله ، فأنكر
__________________
(١) الإثفية : حجارة توضع عليها القدور أثناء الطبخ.
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٤١ [ ٣ / ٢٧٧ حوادث سنة ١١ ه ] ، تاريخ ابن الأثير : ٣ / ١٤٩ [ ٢ / ٣٢ حوادث سنة ١١ ه ] ، أُسد الغابة : ٤ / ٢٩٥ [ ٥ / ٥٣ رقم ٤٦٤٨ ] ، تاريخ ابن عساكر : ٥ / ١٠٥ ، ١١٢ [ ١٦ / ٢٥٦ ، ٢٧٤ رقم ١٩٢٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٨ / ١٧ ـ ١٨ ] ، خزانة الأدب : ١ / ٢٣٧ [ ٢ / ٢٦ ] ، تاريخ ابن كثير : ٦ / ٣٢١ [ ٦ / ٣٥٤ حوادث سنة ١١ ه ] ، تاريخ الخميس : ٢ / ٢٣٣ [ ٢ / ٢٠٩ ] ، الإصابة : ١ / ٤١٤ [ رقم ٢٢٠١ ] و ٣ / ٣٥٧ [ رقم ٧٦٩٦ ]. (المؤلف)