فقال عمر لأبي بكر : إنّ سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه في ذلك ، فقال : يا عمر تأوّلَ فأخطأ فارفع لسانك عن خالد فإنّي لا أشيم سيفاً (١) سلّه الله على الكافرين.
وفي لفظ الطبري (٢) وغيره : أنّ أبا بكر كان من عهده إلى جيوشه أن إذا غشيتم داراً من دور الناس فسمعتم فيها أذاناً للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتى تسألوهم ما الذي نقموا ، وإن لم تسمعوا أذاناً فشنّوا الغارة فاقتلوا وحرّقوا. وكان ممّن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعيّ ، وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حرباً أبداً بعدها ، وكان يحدّث أنّهم لمّا غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح ، قال : فقلنا : إنّا المسلمون. فقالوا : ونحن المسلمون ، قلنا : فما بال السلاح معكم؟ قالوا لنا : فما بال السلاح معكم؟ قلنا : فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح. قال : فوضعوها ثمّ صلّينا وصلّوا ، وكان خالد يعتذر في قتله أنّه قال وهو يراجعه : ما إخال صاحبكم إلاّ وقد كان يقول كذا وكذا. قال : أو ما تعدّه لك صاحباً. ثمّ قدّمه فضرب عنقه وعنق أصحابه.
فلمّا بلغ قتلهم عمر بن الخطّاب تكلّم فيه عند أبي بكر فأكثر وقال : عدوّ الله عدا على امرئ مسلم فقتله ثمّ نزا على امرأته ، وأقبل خالد بن الوليد قافلاً حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد ، معتجراً بعمامة له قد غرز في عمامته أسهماً ، فلمّا أن دخل المسجد قام إليه عمر فانتزع الأسهم من رأسه فحطّها ثمّ قال : أرئاء؟ قتلت امرأً مسلماً ثمّ نزوت على امرأته ، والله لأرجمنّك بأحجارك. ولا يكلّمه خالد ابن الوليدو لا يظنّ إلاّ أنّ رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه حتى دخل على أبي بكر ، فلمّا أن دخل عليه أخبره الخبر واعتذر إليه فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان
__________________
(١) شام السيف يشيمه إذا أغمده.
(٢) تاريخ الأمم والملوك : ٣ / ٢٧٩ حوادث سنة ١١ ه.