بعدي فلا تقاتلنّ». كنوز الدقائق للمناوي (ص ١٨٨).
ثمّ إنّ الخليفة النادم لما ذا تمنّى التسلّل عن الأمر يوم السقيفة؟ وقذفه في عنق أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر؟ أكان ندمه عن حقّ وقع؟ فالحقّ لا ندم فيه. وإن كان عن باطل سبق؟ فهو يهدم أساس الخلافة الراشدة.
ثمّ الذي ودّه من قذفه إلى عنق أحد الرجلين فإنّا لا نعرف وجهاً لتخصيصهما بالقذف وفي الصحابة أعاظم وذوو فضائل لا يبلغ الرجلان شأو أيّ منهم ، وهذان ـ بالنظر إلى ما عرفناه من أحوال الصحابة ـ إن لم نقل إنّهما من ساقتهم ، فإنّا نقول بكلّ صراحة إنّهما لم يكونا من الأعالي منهم وفيهم من فيهم ، وقبل جميعهم سيّدنا أمير المؤمنين عليهالسلام صاحب السوابق والمناقب والصهر والقرابة والغَناء والعناء ، وصاحب يوم الغدير ، والأيام المشهودة ، والمواقف المشهورة ، نفس النبيّ الأعظم بنصّ من الكتاب العزيز (٤) المطهّر من كلّ رجس بآية التطهير (٥).
فهلاّ ودّ أن يقذفه إليه؟ فيسير بالأمّة سيراً سجحاً ، ويحملهم على المحجّة البيضاء ، ويأخذ بهم الطريق المستقيم ، ويجدونه هادياً مهديّا ، يدخلهم الجنّة. كما أخبر بهذه كلّها النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد مرّ شطر منها في الجزء الأوّل صفحة (١٢ ، ١٣).
وأمّا كشف بيت فاطمة سلام الله عليها فإنّه لا يروقنا هاهنا خدش العواطف بتلكم النوائب ، غير أنّه سبق منّا بعض القول في الجزء الثالث (ص ١٠٢ ـ ١٠٤) وفي هذا الجزء (ص ٧٧ ، ٨٦).
وفذلكة ذلك النبأ العظيم أنّ الصدّيقة سلام الله عليها قضت وهي واجدة على
__________________
(٤) بآية المباهلة في سورة آل عمران : ٦١. (المؤلف)
(٥) في سورة الأحزاب : ٣٣.