أنّى يسوغ القول بأعلمية أيّ أحد من الأمّة غير عليّ أمير المؤمنين بعد ما مرّ في الجزء الثالث (ص ١٠٠) من إجماع أهل العلم على أنّ عليّا عليهالسلام هو وارث علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دونهم. وما أسلفناه هناك من الصحيح الوارد عن مولانا أمير المؤمنين من قوله : «والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه ، فمن أحقّ به منّي؟».
ثمّ أيّ نُجفةٍ من العلم كانت آيةَ فضلةِ عسٍّ شربها الخليفة من يد النبيّ الأعظم إن صحّت الأحلام؟ أقوله في الأبّ؟ أم رأيه في الكلالة والجدّ والجدّتين والخلافة وغيرها؟ أبمثل هذه كان هو وصاحبه يفتيان في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
وأيّ صدرٍ هذا لم يك ينضح بشيء من العلم ـ والإناء ينضح بما فيه ـ بعد ما صبّ فيه رسول الله كلّ ما صبّ الله في صدره صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
وأنت جدّ عليم بأنّ الأخذ بمجامع تلكم الصحاح المأثورة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقوال الصحابة والتابعين في علم أمير المؤمنين عليهالسلام والجمع بينها وبين تلكم الآراء في علم أبي بكر يستلزم القول بأعلميّته من رسول الله أيضاً بعد كونه وعليّ صلى الله عليهما وآلهما صنوين في الفضائل ، بعد كون عليّ رديف أخيه الأقدس ونفسه في مآثره ، بعد كونه وارث علمه وبابه وعيبته ووعاءه وخازنه ، ولا أحسب كلّ القوم ولا جلّهم يقول بذلك.
نعم ؛ من لم يتحاشَ عن الغلوّ في أبي حنيفة والقول بأعلميّته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في القضاء كما مرّ في الجزء الخامس (ص ٢٧٩) لا يكترث للقول بذلك في أبي بكر الأفضل من أبي حنيفة.
هذا هو الغلوّ الممقوت الذي تصكّ به المسامع لا ما تقول به الشيعة يا أتباع أبناء حزم وتيميّة وكثير وجوزيّة!