ما هذا التهافت بين كلامي الرجل؟ وما أذهله أخيراً عمّا جاء به أوّلاً؟ وهل الأعلميّة مترشّحة من محض الاستحضار أوّلاً؟ أو السبق إلى الهتاف به؟ وكلّ منهما كما ترى لا يفيد مزيّة إلاّ في الحفظ دون العلم.
ثمّ لو كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك لوجب أن يفشيه إلى آله وذويه الذين يدّعون الوراثة منه ليقطع معاذيرهم في ذلك بالتمسك بعمومات الإرث من آي القرآن الكريم والسنّة الشريفة ، فلا يكون هناك صخب وحوار تتعقّبهما محن وإحن ، ولا تموت بضعته الطاهرة وهي واجدة على أصحاب أبيها (١) ، ويكون ذلك كلّه مثاراً للبغضاء والعداء في الأجيال المتعاقبة بين أشياع كلّ من الفريقين ، وقد بُعث هو صلىاللهعليهوآلهوسلم لكسح تلكم المعرّات وعقد الإخاء بين الأمم والأفراد.
ألم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم على بصيرة ممّا يحدث بعده من الفتن الناشئة من عدم إيقاف أهله وذويه على هذا الحكم المختصّ به صلىاللهعليهوآلهوسلم المخصّص لشرعة الإرث؟ حاشاه. وعنده علم المنايا والبلايا والقضايا والفتن والملاحم.
وهل ترى أنّ دعوى الصدّيق الأكبر أمير المؤمنين وحليلته الصدّيقة الكبرى صلوات الله عليهما وآلهما على أبي بكر ما استولت عليه يده ممّا تركه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ماله كانت بعد علم وتصديق منهما بتلك السنّة المزعومة صفحاً منهما عنها لاقتناء حطام الدنيا؟ أو كانت عن جهل منهما بما جاء به أبو بكر؟ نحن نقدّس ساحتهما ـ أخذاً بالكتاب والسنّة ـ عن علم بسنّة ثابتة والصفح عنها ، وعن جهل يربكهما في الميزان.
ولما ذا يصدّق أبو بكر في دعواه الشاذّة عن الكتاب والسنّة ، فيما لا يُعلم إلاّ من قِبَل ورثته صلىاللهعليهوآلهوسلم ووصيّه الذي هتف صلىاللهعليهوآلهوسلم به وبوصايته من بدء دعوته في الأندية
__________________
(١) سيوافيك في هذا الجزء تفصيل ذلك. (المؤلف)