والمجتمعات (١) ، ولم تكن أُذنٌ واعية لدعوى الصدّيقة وزوجها الطاهر بكون فدك نِحلة لها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي لا تُعلم إلاّ من قبلهما؟
قال مالك بن جعونة عن أبيه أنّه قال : قالت فاطمة لأبي بكر : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل لي فدك فأعطني إيّاها» ، وشهد لها عليّ بن أبي طالب ، فسألها شاهداًآخر فشهدت لها أُمّ أيمن : فقال : قد علمت يا بنت رسول الله أنّه لا تجوز إلاّ شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، فانصرفت.
وفي رواية خالد بن طهمان ؛ أنّ فاطمة قالت لأبي بكر رضى الله عنه : «أعطني فدك فقد جعلها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لي» ، فسألها البيّنة ، فجاءت بأمّ أيمن ورباح مولى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فشهدا لها بذلك ، فقال : إنّ هذا الأمر لا تجوز فيه إلاّ شهادة رجل وامرأتين (٢).
ثمّ مِمّ كان غضب الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها؟ وهي التي جاء فيها عن أبيها الأقدس : «إنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها» (٣) أمن حكم صدع به والدها؟ (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى) (٤) وحاشاها. أم لأنّ ذلك الحكم الباتّ رواه عنه صدّيق أمين يريد بثّ حكم الشريعة وتنفيذه وهي غير مصدّقة له؟ نحاشي ساحة البضعة الطاهرة بنصّ آية التطهير عن هذه الخزاية ، فلم يبق إلاَّ شقّ ثالث وهو أنّها كانت تتّهم الراوي ، أو تعتقد خللاً في الرواية ، وتراه حكماً خلاف الكتاب والسنّة ، وهذا الذي دعاها إلى أن لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها (٥) ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم
__________________
(١) راجع الجزء الثاني : ص ٢٧٨. (المؤلف)
(٢) فتوح البلدان للبلاذري : ص ٣٨ [ ص ٤٤ ]. (المؤلف)
(٣) راجع : ٣ / ٢٠ وسيأتيك في هذا الجزء. (المؤلف)
(٤) النجم : ٣ و ٤.
(٥) الحَفَدَة : الأعوان والخدم.