ولا يسوغ تخصيص الكتاب إلاّ بدليل ثابت مقطوع عليه ، لا بالخبر الواحد الذي لم يصحّ الأخذ بعموم ظاهره لمخالفته ما ثبت من سيرة الأنبياء الماضين صلوات الله على نبيّنا وآله وعليهم.
لا بالخبر الواحد الذي لم يخبت إليه صدّيقة الأمّة وصدّيقها الذي ورث علم نبيّها الأقدس ، وعدّه المولى سبحانه في الكتاب نفساً لنبيّه صلى الله عليهما وآلهما.
لا بالخبر الواحد الذي لم يُنبّأ عنه قطّ خبير من الأمّة وفي مقدّمها العترة الطاهرة وقد اختصّ الحكم بهم وهم الذين زُحزحوا به عن حكم الكتاب والسنّة الشريفة ، وحرموا من وراثة أبيهم الطاهر ، وكان حقّا عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخبرهم بذلك ، ولا يؤخّر بيانه عن وقت حاجتهم ، ولا يكتمه في نفسه عن كلّ أهله وذويه وصاحبته وأمّته إلى آخر نَفَس لفظه.
لا بالخبر الواحد الذي جرّ على الأمّة كلّ هذه المحن والإحن ، وفتح عليها باب العداء المحتدم بمصراعيه ، وأجّج فيها نيران البغضاء والشحناء في قرونها الخالية ، وشقّ عصا المسلمين من أوّل يومهم ، وأقلق من بينهم السلام والوئام وتوحيد الكلمة. جزى الله محدّثه عن الأمّة خيراً.
ثمّ إن كان أبو بكر على ثقة من حديثه فِلمَ ناقضه بكتاب كتبه لفاطمة الصدّيقة سلام الله عليها ، بفدك؟ غير أنّ عمر بن الخطّاب دخل عليه فقال : ما هذا؟ فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها. فقال : ممّا ذا تنفق على المسلمين ، وقد حاربتك العرب كما ترى؟ ثمّ أخذ عمر الكتاب فشقّه. ذكره سبط ابن الجوزي كما في السيرة الحلبية (١) (٣ / ٣٩١).
__________________
(١) السيرة الحلبيّة : ٣ / ٣٦٢.