حكمه ذاك ، ورأى ما حكم عليه بالضعف نصّا في أعلميّة أبي بكر.
وقال العجلوني في كشف الخفاء (١ / ٢٠٤) : روى الديلمي في الفردوس (١) بلا إسناد عن ابن مسعود رفعه : أنا مدينة العلم ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها ، وعثمان سقفها ، وعليّ بابها. وروى أيضاً عن أنس مرفوعاً : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها ، ومعاوية حلقتها. قال في المقاصد (٢) : وبالجملة فكلّها ضعيفة وألفاظ أكثرها ركيكة.
وقال السيّد محمد درويش الحوت في أسنى المطالب (٣) (ص ٧٣) : أنا مدينة العلم ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها. وذلك لا ينبغي ذكره في كتب العلم لا سيّما مثل ابن حجر الهيتمي ذكر ذلك في الصواعق (٤) والزواجر وهو غير جيّد من مثله. انتهى.
فلم يبق إذن مجال للمناقشة بالتعبير بالباب لمولانا صلوات الله عليه وبالأساس والحيطان والسقف والحلقة لغيره ، حسب المسكين ناحِتُ هذه المهزأة مدينة خارجيّة يرمق إليها ، ويتجوّل بين جدرانها ، ويتفيّأ تحت سقفها ، ويدقّ بابها بالحلقة ، وقد عزب عنه أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد أنّ السبب الوحيد للاستفادة من علوم النبوّة هو خليفته مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، كما أنّ المدخل الوحيد للمدينة بابها ، فهو معنىً كنائي جيء به لإفادة ما ذكرناه ، والأساس لا فضيلة له غير أنّه يقوم عليه سياج المدينة المشاد للوقاية عن الغارات والسرقات ، وأمّا معنويّات المدينة فلا صلة لها بشيء من ذلك ، والاستفادة بالسقف على فرض تصويره في المدن ليس إلاّ الاستظلال
__________________
(١) الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ٤٣ ح ١٠٥ و ٤٤ ح ١٠٨.
(٢) المقاصد الحسنة : ص ١٢٤ ح ١٨٩.
(٣) أسنى المطالب : ص ١٣٧ ح ٣٩١.
(٤) الصواعق المحرقة : ص ٣٤.