على أنّ الأمّة قطّ لم تعرف باباً فتحه الخليفة لها إلى الإسلام ، ولم يدر أيّ أحد أنّه متى فتحه؟ وأين فتحه؟ ولما ذا فتحه؟ وأيّ باب هو؟
نعم ؛ لا تخفى على الأُمّة جمعاء أنّه غلّق باباً عليها وحرمها من خير أهله وعلمه ورشده وهداه ، ألا وهو باب مدينة علم النبيّ مولانا أمير المؤمنين بالنصّ المتواتر ، وهو الباب الذي منه يؤتى إلى الله ، وإليه يتوجّه الأولياء.
فلو لا انتزاع الأمر منه لانتشرت علومه ، وزهرت معالمه ، وتبلّغت حكمه ، وعُمِل بأحكامه ، فأكل الناس من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، منهم أُمّة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ، لكنّه عليهالسلام مُنع عن حقّه فجهلت العباد ، وأجدبت البلاد ، وصوّحت المرابع ، وظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ، وإلى الله المشتكى.
وإن أراد القائل من فتح الباب بدأة الفتوح في أيام الخليفة ، فالخليفة الثاني على ذلك أجدر باللحية منه ، لأنّ عمدة الفتوح وقعت في أيّامه.
نعم ؛ إن يكن هناك من يحقّ أن يعدّ للأُمّة أباً ثانياً تنزيلاً بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام الذي به كان تمام الدعوة والنجاح في المغازي ، وهو نفس النبيّ القدسيّة وخليفته المنصوص عليه ، ولذلك جاء من طريق أنس بن مالك عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «حقّ عليّ على هذه الأمّة كحقّ الوالد على الولد» ، ومن طريق عمّار وأبي أيّوب الأنصاري قوله : «حقّ عليّ على كلّ مسلم حقّ الوالد على ولده» (١).
__________________
(١) الرياض النضرة : ٢ / ١٧٢ [ ٣ / ١١٧ ] نقلاً عن الحاكمي ، كنوز الدقائق : ص ٦٤ [ ١ / ١١٩ ] نقلاً عن الديلمي [ الفردوس بمأثور الخطاب : ٢ / ١٣٢ ح ٢٦٧٤ ] ، مناقب الخوارزمي : ص ٢٤٤ ، ٢٥٤ [ ٣٠٩ ـ ٣١٠ ح ٣٠٦ ، ص ٣٢١ ح ٣٢٧ ] ، فرائد السمطين لشيخ الاسلام الحمّوئي [ ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ح ٢٣٤ و ٢٣٥ ] ، نزهة المجالس : ٢ / ٢١٢. (المؤلف)