وأزواجه أمّهاتهم كما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «إنّما أنا لكم كالوالد ، أو : مثل الوالد» (١).
أنا لا أدري ما هي الخاصّة في الأب التنزيليّ لأمّة خاصّة أن تكون له لحية في الجنّة دون الأب الحقيقيّ للأمم جمعاء ، وهو أبو البشر آدم عليهالسلام ، ولا لحية له؟ مع ما ورد عن كعب الأحبار أنّه قال : ليس أحد في الجنة له لحية إلاّ آدم ، له لحية سوداء إلى سرّته. ذكره ابن كثير في تاريخه (٢) (١ / ٩٧).
وإن كانت الحكمة في لحية إبراهيم الخليل وأبي بكر ما زعمه العجلوني من الأُبوّة فما الحكمة في لحية موسى بن عمران؟ وقد جاء في الحديث : ليس أحد يدخل الجنّة إلاّ جرد مرد إلاّ موسى بن عمران فإنّ لحيته إلى سرّته. السيرة الحلبيّة (٣) (١ / ٤٢٥).
ثمّ إنّ للأُمّة المسلمة أباً تنزيليّا روحيّا هو أحقّ بالأبوّة من الخليل عليهالسلام وهو نبيّها الأقدس محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما مرّ حديثه ، وبها حياتها الحقيقيّة ، وهو الذي يدعوهم لما يحييهم ، ومنه كيانها المستقرّ ، وعزّها الخالد ، فهو أولى باللحية من أبيه الخليل وصاحبه أبي بكر.
والعجب كلّ العجب في عدّ أبي بكر أباً ثانياً للأمّة لأنّه فتح لها باب الدخول إلى الإسلام ، وأنّ الذي فتح باب الإسلام بمصراعيه لدخول الأُمم فيه ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ، هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدعوته الكريمة ، وبراهينه الصادقة ، ومعاجزه المعلومة ، ونواميسه المقدّسة ، وخلائقه الرضيّة ، ومغازيه الدامية فهو أولى بأن تكون له لحية في الجنّة.
__________________
(١) تفسير الخازن : ٣ / ٣١٤ [ ٣ / ٢٩٩ ] ، تفسير النسفي هامش الخازن : ٣ / ٣١٤ [ ٣ / ١١٢ ]. (المؤلف)
(٢) البداية والنهاية : ١ / ١٠٨.
(٣) السيرة الحلبية : ١ / ٣٩٧.