فكلّمهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعاهم إلى الله ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن فأجابوه فيما دعا إليهم ثمّ انصرفوا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدّقوا.
فلمّا قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم ، فلم تبق دار من دور الأنصار إلاّ وفيها ذكر من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار إثنا عشر رجلاً فلقوه بالعقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن يفترض عليهم الحرب ، وهم : أبو أُمامة أسعد بن زرارة ، وعوف بن عفراء ، ومعاذ بن عفراء ، ورافع بن مالك ، وذكوان بن عبد قيس ، وعبادة بن الصامت ، ويزيد بن ثعلبة ، والعبّاس بن عبادة ، وعقبة بن عامر ، وقطبة بن عامر ، وأبو الهيثم بن التيّهان ، وعويم بن ساعدة.
قال عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة العقبة الأولى : على أن لا نشرك بالله شيئاً ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف.
فلمّا انصرف القوم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير بن هاشم ابن عبد مناف (١) وأمره أن يقرئهم القرآن ، ويعلّمهم الإسلام ، ويفقّههم في الدين ، ويقيم فيهم الجمعة والجماعة ، وكان مصعب يسمّى بالمدينة : المقرئ ، وكان منزله على أسعد ابن زرارة أبي أُمامة النجاري. وكان يصلّي بهم الجمعة والجماعة فأقام عنده يدعوان الناس الى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلاّ وفيها رجال ونساء مسلمون.
ثمّ إنّ مصعب بن عمير رجع إلى مكّة ، وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجّاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكّة فواعدوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العقبة من أوسط أيّام التشريق. قال كعب : فلمّا فرغنا من الحجّ وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام
__________________
(١) ابن عبد الدار بن قُصيّ بن كلاب.