العائر (١) عن يمين ركوبة (٢) حتى هبط بهما بطن رئم (٣) ثمّ قدم بهما قباء (٤) على بني عمرو بن عوف حين اشتدّ الضحاء وكادت الشمس تعتدل.
ولمّا دنوا من قباء بعثوا رجلاً من أهل البادية إلى أبي أمامة وأصحابه من الأنصار ، فثار المسلمون إلى السلاح واستقبله زهاء خمسمائة من الأنصار فوافوه وهو مع أبي بكر في ظلّ نخلة ، ثمّ قالوا لهما : اركبا آمنين مطاعين. فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بقباء في دار بني عمرو بن عوف ، فأقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسّس مسجده ، وقد يقال كما في سنن أبي داود (٥) (١ / ٧٤) : إنّه أقام في قباء أربع عشرة ليلة ، وحكى موسى ابن عقبة اثنتين وعشرين ليلة. وقال البخاري (٦) : بضع عشرة ليلة ، وبقباء كانت منازل الأوس والخزرج.
ثمّ أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة فأدركت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاّها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء ، فكانت أوّل جمعة صلاّها بالمدينة.
قال عبد الرحمن بن عويم : حدّثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) قال محمد يحيى الدين المصري في حاشية سيرة ابن هشام : ٢ / ١٠٨ : لم يذكر ياقوت العائر لا بالعين المهملة ولا بالغين المعجمة. أقول : ذكره في العين المهملة : ٦ / ١٠٣ [ معجم البلدان : ٤ / ٧٣ ] وقال : جبل بالمدينة. وفي حديث الهجرة : ثنية العائر عن يمين رَكوبة. ويقال : ثنية الغائر ، بالغين المعجمة. انتهى ملخّصاً. (المؤلف)
(٢) بفتح الراء : ثنية صعبة عند العرج. (المؤلف)
(٣) بكسر الراء المهملة موضع على أربعة برد من المدينة. وقيل : ثلاثة برد. (المؤلف)
(٤) بضم أوّله : قرية على ميلين من المدينة. (المؤلف)
(٥) سنن أبي داود : ١ / ١٢٣ ح ٤٥٣.
(٦) صحيح البخاري : ٣ / ١٤٢١ ح ٣٦٩٤.