قال الأميني : كيف تصحّ هذه الرواية وقد ضرب عنها حفّاظ الحديث وأئمّة التاريخ والسير صفحا؟ مع ما فيها من نبأ عظيم وكرامة هامّة وهي بين أيديهم وهم يهتمّون بجمع دلائل النبوّة ومعاجز الرسالة ، فلم تخرّج في أصل ، ولم تذكر في سيرة ، وإنّما ذكرها السيوطي في الخصائص (١) (١ / ١٨٧) فقال : أخرجه ابن عساكر (٢) بسند واهٍ.
ولما ذا خصّت روايتها بابن عبّاس وقد ولد في شعب أبي طالب قبل الهجرة بقليل فكان يوم الغار ابن سنة أو سنتين ولم يسندها إلى أحد ولم يكن في الغار غير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصاحبه؟ فأين روايتهما إيّاها؟ وأين أُولئك الصحابة عنها؟ أيحقّ لحكيم أو حافظ أن يرسل مثل هذه الواهية إرسال المسلّم في عدّ الفضائل؟
نعم ؛ للقوم في محبّة أبي بكر وصاحبه روايات تشبّه بالقصص الخياليّة نسجتها يد الغلوّ في الفضائل ، وإليك منها :
١ ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : لمّا ولد أبو بكر في تلك الليلة اطّلع الله على جنّة عدن فقال : وعزّتي وجلالي لا أدخلك إلاّ من أحبّ هذا المولود.
من موضوعات أحمد بن عصمة النيشابوري كما مرّ في (٥ / ٣٠٠).
٢ ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : إنّ في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون الله لمن أحبّ أبا بكر وعمر ، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.
من طامّات أبي سعيد الحسن بن عليّ البصري كما أسلفناه في (٥ / ٣٠٠).
٣ ـ عن أنس : أنّ يهوديّا أتى أبا بكر فقال : والذي بعث موسى وكلّمه تكليما إنّي
__________________
(١) الخصائص الكبرى : ١ / ٣٠٧.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ١٥٠.