وبين من ينكر التوسّل لأيّ أحد بأيّ أحد ، ولا يرى لتوسّل آدم بالنبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّ قيمة وكرامة ، فيعتقد الأوّل صحّة مثل هذه الرواية التي حكم السيوطي بأنّها كذب موضوع ، وارتضاه ابن حجر في نقله عنه كما في كشف الخفاء ، وإن عدّه في صواعقه من الفضائل زعماً منه بأنّ الدهر لم يأتِ بعده بمن يناقشه في الحساب ، وصافقهما على التكذيب والوضع العجلوني ، فقال في كشف الخفاء (١) (١ / ٢٣٣) : قال ابن حجر الهيثمي نقلاً عن السيوطي : كذب موضوع.
ومتن الرواية أوضح شاهد على ذلك ، غير أنّ المغالاة في الفضائل اختلقتها لمعارضة ما ورد في قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) (٢).
أخرج الديلمي في مسند الفردوس كما في الدرّ المنثور (٣) (١ / ٦٠) بإسناده عن عليّ قال : «سألت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قول الله : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ)؟ فقال : إنّ الله أهبط آدم بالهند وحوّاء بجدّة ـ إلى أن قال ـ : حتى بعث الله إليه جبريل ، وقال : يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أُسجِد لك ملائكتي؟ ألم أزوّجك حوّاء أمتي؟ قال : بلى. قال : فما هذا البكاء. قال : وما يمنعني من البكاء وقد أُخرجت من جوار الرحمن؟ قال : فعليك بهؤلاء الكلمات ، فإنّ الله قابل توبتك وغافر ذنبك. قل : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلاّ أنت ، عملت سوءاً ، وظلمت نفسي فاغفر لي إنّك أنت الغفور الرحيم. فهؤلاء الكلمات التي تلقّى آدم».
وأخرج ابن النجّار عن ابن عبّاس قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه؟ قال : «سأل بحقّ محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ ، فتاب عليه». الدرّ المنثور (١ / ٦٠).
__________________
(١) كشف الخفاء : ١ / ٢٤٩ ح ٧٦٢.
(٢) البقرة : ٣٧.
(٣) الدرّ المنثور : ١ / ١٤٧.