ابن حجر إذ غلوّهم في الفضائل غير محدود.
وأمّا الرجل الثاني الذي أربكه التفريط وأسفّ به إلى هوّة الجهل فكالقصيمي الذي أنكر ما جاء في الصحيح عن عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمد لمّا غفرت لي ، فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال : يا ربّ لأنّك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك. فقال الله : صدقت يا آدم إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، ادعني بحقّه قد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك».
أخرجه (١) : البيهقي في دلائل النبوّة (٢) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٦١٥) وصحّحه ، والطبراني في المعجم الصغير ، وأبو نعيم في الدلائل ، وابن عساكر كما في الخصائص ، وأقرّ صحته السبكي في شفاء السقام (ص ١٢٠) ، والقسطلاني في المواهب (١ / ١٦) ، والسمهودي في وفاء الوفا (٢ / ٤١٩) ، والزرقاني في شرح المواهب (١ / ٦٢) ، والعزّامي في فرقان القرآن (ص ١١٧) ، وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى عن عدّة من الحفّاظ (١ / ٦).
فقال القصيمي في الصراع (٢ / ٥٩٣) تبعاً أثر ابن تيميّة في الردّ على هذه المأثرة النبويّة الصحيحة : والسؤال بحقّ النبيّ أو بحقّ غيره من الأنبياء والصالحين ليس له من القيمة العمليّة الدينيّة ما يوجب أن يكون عملاً صالحاً مبروراً فضلاً عن أن يكون أداة غفران وعفو تامّ ، وما ذا في قول القائل : أسألك يا الله بحقّ فلان أو فلانة من عمل صالح يؤهّل قائله لأن يكون من المغفور لهم؟ وإنّما يغفر للمستغفر.
__________________
(١) دلائل النبوّة : ٥ / ٤٨٩ ، المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٦٧٢ ح ٤٢٢٨ ، المعجم الصغير : ٢ / ٨٢ ، شفاء السقام : ص ١٦١ ، المواهب اللدنيّة : ١ / ٨٢ ، وفاء الوفا : ٤ / ١٣٧١ ، الخصائص الكبرى : ١ / ١٢.
(٢) قال الذهبي في الثناء عليه : عليك به فكلّه هدىً ونور. (المؤلف)