وفي إحدى كفّتيها شول ، وفي لسانها عوج (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١) (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) (٢).
كيف يوزن في ميزان العدل والنصفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو هو مع ابن أبي قحافة الذي ليس إلاّ أبو بكر ، أيّ خلائق كريمة؟ أيّ نفسيّات طاهرة؟ أيّ ملكات فاضلة؟ أي حكم علميّة أو عمليّة؟ أي عوارف ومعارف راقية؟ أيّ بصيرة نافذة؟ أيّ علم؟ أيّ شجاعة؟ أيّ عصمة؟ أيّ قداسة؟ أيّ عظمة؟ أيّ عزم؟ أي حزم؟ أيّ أيّ؟ جعلت في كفّة جعل فيها أبو بكر؟ هل هذه الموازنة يقبلها الوجدان والمنطق حتى يقال بالرجحان في إحدى كفّتي الميزان؟ (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٣).
ثمّ كيف رجح أبو بكر بعمر وإنّهما كانا عكمي بعير في الفضائل كلّها أيّام حياتهما ، غير أنّ فتوحات عمر وأياديه في بسط الإسلام في أرجاء العالم لا تُنسى ، ولم تزل تذكر في صفحات التاريخ ، فله فضيلة الرجحان على أبي بكر إن وزنا بميزان غير معيبة.
وكيف فُصِل بين النبيّ الأعظم وبين أمير المؤمنين في الميزان؟ وهو نفسه بنصّ القرآن الكريم ، وله العصمة بحكم الكتاب العزيز ، وهو وارث علمه ، وباب حكمته ، وهو عدل القرآن وخليفة نبيّ الإسلام بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي مخلّف فيكم اثنين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وأيّ فضيلة رابية لعثمان جعلت في كفّة الميزان ورجح بها على عليّ رديف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في فضائله؟ أنا لا أدري.
ثمّ إن كان التعبير الذي عزوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حقّا فهو لا محالة بتقدير من
__________________
(١) الزمر : ٩.
(٢) الرعد : ١٦.
(٣) النساء : ٧٨.