قال : فلا عين عليك منها. قالت : سالم صالح. قال : فأنّى هو؟ قالت : في دار الأرقم. قال : فإنّ لله عليّ آليت لا أذوق طعاماً ولا شراباً أو آتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمهلتاه حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتّكئ عليهما حتى دخلتا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : فانكبّ عليه فقبّله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رقّةً شديدة ، فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمّي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، هذه أُمّي برّة بوالديها ، وأنت مبارك ، فادعها إلى الله وأدع الله عزّ وجلّ لها عسى أن يستنقذها بك من النار. فدعاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأسلمت (١).
قال الأميني : تفرّد بهذا الحديث عبيد الله بن محمد العمري ، رماه النسائي بالكذب ، وحكاه عنه الذهبي وابن حجر (٢) ، وقال الدارقطني في حديث آخر تفرّد به العمري أيضاً : ليس بصحيح تفرّد به العمري وكان ضعيفاً.
وبقيّة رجال السند كلّهم تيميّون ، فيهم عبد الله وعبيد الله من أولاد طلحة بن عبيد الله مجهولان لا يعرفان. وعبد الله ومحمد بن عمران من أولاد طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أو : من أولاد طلحة بن عبيد الله أيضاً وهما مجهولان كسابقيهما ، على أنّ أبا بكر لا يعدّ من المعذّبين في الإسلام ، ولو كان له هذا الموقف في ذلك اليوم العصبصب وكانت على النبأ مسحة من الصحّة لكان يُذكر في صفحة كلّ تاريخ ، ولم يكن يهمله أيّ مؤرّخ ، أمن المعقول أن يحفظ التاريخ في طيّاته تعذيب الموالي ولم يكن في صفحته ذكر عن مثل هذا الموقف لمثل أبي بكر؟
ثمّ لو لم يكن الحفّاظ عدّوا هذه الرواية من موضوعات عبيد الله العمري وكان عندهم ثقة برجالها ولو بالعلاج ولو بقيل قائل ، لما أعرضوا عنها في تلكم القرون
__________________
(١) الرياض النضرة : ١ / ٤٦ [ ١ / ٦٦ ] ، تاريخ ابن كثير : ٣ / ٣٠ [ ٣ / ٤٠ ]. (المؤلف)
(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ١٨٠ [ ٣ / ١٥ رقم ٥٣٩٢ ] ، لسان الميزان : ٤ / ١١٢ [ ٤ / ١٣٠ رقم ٥٤٣٥ ]. (المؤلف)