الخالية كلّها ، وكان يتلّقاها حافظ عن حافظ وإمام عن إمام ولم تكن تخصّ روايتها بالمحبّ الطبري وابن كثير المتخصّصين لذكر الموضوعات والأحاديث المفتعلة أو من يحذو حذوهما. وفي نفس الرواية ما يكذّبها من شتّى النواحي :
١ ـ إنّ عائشة ولدت في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة (١) ، والقضيّة على تسليم قبولها قد وقعت في السادسة من البعثة ، فأين كانت عائشة يوم ذاك؟ أشاهدت موقف أبيها وهي على ثدي أُمّها بنت سنة أو سنتين؟ لما ذا لم يُرو ذلك عن أبيها أو عن أُمّها أو عن أُمّ جميل؟ لعلّ الرواية من ولائد القرون المتأخّرة عنهم ، ولدتها أمّ الفضائل بعد قضاء الدهر على حياة من خُلقت لأجله.
٢ ـ إنّ في لفظ الرواية : لمّا اجتمع أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً. فعلى هذا لم يكن أبو بكر يوم ذاك مسلماً أخذاً بقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم «صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين لأنّا كنا نصلّي وليس معنا أحد يصلّي غيرنا» (٢). وما مرّت من الصحيحة عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «لقد صلّيت مع رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل الناس بسبع سنين» (٣). وما أسلفنا من صحيحة الطبري : أنّ أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً (٤).
٣ ـ في الرواية : ألحّ أبو بكر على رسول الله في الظهور ، فقال : يا أبا بكر إنّا قليل ، فلم يزل أبو بكر يلحّ حتى ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. إلخ. يكذّبه ما في السير من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أظهر الدعوة قبل ذلك اليوم بثلاث سنين.
وروى ابن سعد وابن هشام والطبري وغيرهم : أنّ الله عزّ وجلّ أمر نبيّه
__________________
(١) طرح التثريب : ١ / ١٤٧ ، الإصابة : ٤ / ٣٥٩ [ رقم ٧٠٤ ]. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء الثالث : ص ٢٢٠. (المؤلف)
(٣) راجع الجزء الثالث : ص ٢٢١. (المؤلف)
(٤) تاريخ الطبري : ٢ / ٢١٥ [ ٢ / ٣١٦ ]. (المؤلف)