محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد مبعثه بثلاث سنين أن يصدع بما جاءه منه ، وأن ينادي الناس بأمره ويدعو إليه فقال له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (١) وكان قبل ذلك في السنين الثلاث من مبعثه إلى أن أُمر بإظهار الدعوة إلى الله مستسرّا مخفياً أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنزل عليه : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ* وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٢) (٣).
فإظهار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعوته كان بأمر من المولى سبحانه من دون سبق أيّ إلحاح من أيّ أحد عليه من أبي بكر أو غيره سواء كان أسلم أبو بكر يوم ذاك أو لم يسلم.
على أنّ أبا بكر عُدّ ممّن كان يدعو سرّا بعد ذلك اليوم بعد ظهور الدعوة من المسلمين ، فأين مقيل إلحاحه على رسول الله في الظهور من الصحّة يوم ذاك؟ قال ابن سعد في طبقاته (٤) (١ / ١٨٥) : كان أبو بكر يدعو ناحية سرّا ، وكان سعد بن زيد مثل ذلك ، وكان عثمان مثل ذلك ، وكان عمر يدعو علانية وحمزة بن عبد المطلب. فإسرار أبي بكر في الدعوة يوم إعلان عمر كان بعد ذلك اليوم ، إذ أسلم عمر بعد خروج المهاجرين إلى أرض الحبشة بعد أربعين رجلاً (٥). وقد مرّ في الرواية أنّ القضيّة وقعت والمسلمون ثمان وثلاثون نسمة.
__________________
(١) الحجر : ٩٤.
(٢) الشعراء : ٢١٤ ـ ٢١٦.
(٣) تاريخ الطبري : ٢ / ٢١٦ [ ٢ / ٣١٨ ] ، طبقات ابن سعد : ١ / ١٨٣ [ ١ / ١٩٩ ] ، سيرة ابن هشام : ١ / ٢٧٤ [ ١ / ٢٨٠ ] ، الكامل : ٢ / ٢٣ [ ١ / ٤٨٦ ] ، تفسير القرطبي : ١٠ / ٦٢ [ ١٠ / ٤١ ] ، عيون الأثر لابن سيّد الناس : ١ / ٩٩ [ ١ / ١٣١ ] ، تاريخ أبي الفدا : ١ / ١١٦ ، تفسير ابن كثير : ٢ / ٥٥٩ ، تفسير الخازن : ٣ / ١٠٩ [ ٣ / ٣٧١ ] ، تفسير الشوكاني : ٣ / ١٣٩ [ ٣ / ١٤٤ ]. (المؤلف)
(٤) الطبقات الكبرى : ١ / ٢٠٠.
(٥) الاستيعاب ـ هامش الإصابة ـ : ٢ / ٤٥٩ [ الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٤٥ رقم ١٨٧٨ ] ، تاريخ ابن كثير : ٣ / ٣١ [ ٣ / ٤٢ ]. (المؤلف)