رآه آدمُ نوراً بين أربعةٍ |
|
لألاؤها فوق ساقِ العرشِ من كثبِ |
فقال يا ربّ من هذا فقيل له |
|
قولَ المحبِّ وما في القولِ من ريبِ |
هم أوليائي وهم ذرّيةٌ لكما |
|
فقرَّ عيناً ونفساً فيهمُ وطبِ |
أما وحقِّهمُ لو لا مكانُهمُ |
|
منِّي لما دارتِ الأفلاكُ بالقطبِ |
كلاّ ولا كان من شمسٍ ولا قمرٍ |
|
ولا شهابٍ ولا أُفقٍ ولا حجبِ |
ولا سماءٍ ولا أرضٍ ولا شجرٍ |
|
للناس يهمي عليه واكفُ السحبِ (١) |
ولا جنانٍ ولا نارٍ مؤجَّجةٍ |
|
جعلت أعداءهم فيها من الحطبِ |
وقال للملإ الأعلى ألا أحدٌ |
|
يُنبي بأسمائِهمْ صدقاً بلا كذبِ |
فلم يجيبوا فأنبا آدمٌ بهمُ |
|
لها بعلمٍ من الجبّارِ مُكتسبِ |
فقال للملإ الأعلى اسجدوا كملاً |
|
لآدمٍ وأطيعوا واتّقوا غضبي |
وصيّر اللهُ ذاك النورَ ملتمعاً |
|
في الوجهِ منه بوعدٍ منه مرتقبِ |
وخاف نوحٌ فناجى ربَّه فنجا |
|
بهم على دُسُر الألواحِ والخشبِ |
وفي الجحيمِ دعا اللهَ الخليلُ بهمْ |
|
فأُخمدتْ بعد ذاك الحرّ واللهبِ |
وقد دعا اللهَ موسى إذ هوى صَعِقاً |
|
بحقِّهمْ فنجا من شدّة الكربِ |
فظَلَّ منتقلاً واللهُ حافظُه |
|
على تنقّلِهِ من حادثِ النُوبِ |
حتى تقسّم في عبدِ الإلهِ معاً |
|
وفي أبي طالبٍ عن عبد مُطّلبِ |
فأودعَ اللهُ ذاك القسمَ آمنةً |
|
يوماً إلى أجلٍ بالحملِ مقتربِ |
حتى إذا وضعتْه انهدَّ من فزعٍ |
|
ركنُ الضلالِ ونادى الشركُ بالحربِ |
وانشقَّ إيوانُ كسرى وانطفت حذراً |
|
نيرانُهمْ وأقرَّ الكفرُ بالغلبِ |
تساقطت أنجمُ الأملاكِ مؤذنةً |
|
بالرجمِ فاحترقَ الأصنامُ باللهبِ |
حتى إذا حاز سنَّ الأربعين دعا |
|
ربِّي به في لسانِ الوحي بالكتبِ |
فقال لبّيك من داعٍ وأرسلَهُ |
|
إلى البريّةِ من عُجمٍ ومن عربِ |
__________________
(١) همى الماء يهمي همياً : سال لا يثنيه شيء. الواكف : المطر المنهلّ. (المؤلف)