العاصمي في زين الفتى. وكان من تهويلهم في تخفيف تلكم الوطأة أن جرّوا ذلك إلى والدي النبيّ المعظّم صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليهما حتى قال العاصمي في زين الفتى عند بيان وجه الشبه بين النبيّ والمرتضى صلى الله عليهما وآلهما : أمّا تشبيه الأبوين في الحكم والتسمية ، فإنّ النبيّ في كثرة ما أنعم الله تعالى عليه ووفور إحسانه إليه لم يرزقه إسلام أبويه ، وعلى هذا جمهور المسلمين (١) إلاّ شرذمة قليلين لا يلتفت إليهم ، فكذلك المرتضى فيما أكرمه الله به من الأخلاق والخصال وفنون النعم والأفعال لم يرزقه إسلام أبويه. انتهى.
فلم تفتأ لهم في ذلك جلبة ولغط مكابرين فيهما المعلوم من سيرة شيخ الأبطح وكفالته لصاحب الرسالة ، ودرئه عنه كلّ سوء وعادية ، وهتافه بدينه القويم ، وخضوعه لناموسه الإلهيّ في قوله وفعله وشعره ونثره ، ودفاعه عنه بكلّ ما يملكه من حول وطول.
ولولا أبو طالبٍ وابنه |
|
لما مَثُلَ الدينُ شخصاً وقاما |
فذاك بمكة آوى وحامى |
|
وهذا بيثرب جسَّ الحماما |
تكفّل عبد منافٍ بأمرٍ |
|
وأودى فكان عليٌّ تماما |
فقل في ثبير مضى بعد ما |
|
قضى ما قضاه وأبقى شماما (٢) |
فَلِلّه ذا فاتحاً للهدى |
|
ولله ذا للمعالي ختاما |
وما ضرّ مجدَ أبي طالبٍ |
|
جهولٌ لغا أو بصيرٌ تعامى |
كما لا يضرُّ إياب (٣) الصبا |
|
حِ مَن ظنَّ ضوء النهار الظلاما (٤) |
__________________
(١) أفك الرجل على جمهور المسلمين ، فانّ الإمامية والزيدية على بكرة أبيهم ومن حذا حذوهم من محقّقي أهل السنّة ذهبوا إلى إسلام والدي النبيّ الأقدس ، ومن شذّ عنهم فلا يؤبه به ولا يلتفت إليه. (المؤلف)
(٢) ثبير وثَمام : اسما جبلين.
(٣) في شرح النهج : إياة ، ومعناه الضوء.
(٤) ذكرها ابن أبي الحديد لنفسه في شرحه : ٣ / ٣١٧ [ ١٤ / ٨٤ كتاب ٩ ]. (المؤلف)