شهدتُ أنَّك أحسنتَ البلاغَ فما |
|
تكون في باطلٍ يوماً بمنجذبِ |
حتى دعاك إلهي فاستجبتَ له |
|
حبّا ومن يدْعُهُ المحبوبُ يستجبِ |
وقد نصبتَ لهم في دينِهمْ خلفاً |
|
وكان بعدَكَ فيهم خيرَ منتصبِ |
لكنّهم خالفوهُ وابتغوا بدلاً |
|
تخيّروه وليس النبعُ كالغربِ (١) |
ويقول فيها :
يا راكبَ الهوجلِ المحبوكِ تحملهُ (٢) |
|
إلى زيارةِ خيرِ العجمِ والعربِ |
إذا قضيتَ فروضَ الحجِّ مكتملاً |
|
ونلتَ إدراكَ ما في النفسِ من إربِ |
وزرتَ قبرَ رسولِ اللهِ سيَّدِنا |
|
وسيّدِ الخلقِ من ناءٍ ومقتربِ |
قِف موقفي ثمّ سلّم لي عليه معاً |
|
حتى كأنِّيَ ذاك اليومَ لم أغِبِ |
واثنِ السلامَ إلى أهلِ البقيعِ فلي |
|
بها أحبّةُ صبٍّ دائمِ الوصبِ |
وبثّهم صبوتي طولَ الزمانِ لهم |
|
وقل بدمعٍ على الخدّين منسكبِ |
يا قدوةَ الخلقِ في علمٍ وفي عملٍ |
|
وأطهرَ الخلقِ في أصلٍ وفي نسبِ |
وصلتُ حبلَ رجائي في حبائلِكمْ |
|
كما تعلّق في أسبابِكمْ سببي |
دنوتُ في الدينِ منكم والودادِ فلو |
|
لا دان لم يدنُ من أحسابِكم حسبي |
مديحُكمْ مكسبي والدينُ مكتسبي |
|
ما عشتُ والظنُّ في معروفِكمْ نشبي |
فإن عدَتني الليالي عن زيارتِكمْ |
|
فإنَّ قلبيَ عنكم غيرُ منقلبِ |
قد سيط لحمي وعظمي في محبّتِكمْ |
|
وحبُّكم قد جرى في المخِّ والعَصبِ |
هجري وبغضي لمن عاداكمُ ولكمْ |
|
صدقي وحبّي وفي مدحي لكم طربي |
فتارةً أنظمُ الأشعارَ ممتدحاً |
|
وتارةً أنثرُ الأقوالَ في الخطبِ |
حتى جعلتُ مقال الضدِّ من شبهٍ |
|
إذ صغتُ فيكم قريضَ القولِ من ذهبِ |
__________________
(١) النبع : خروج الماء من العين. الغرب : الماء المقطّر من الدلو بين الحوض والبئر. (المؤلف)
(٢) الهوجل : الناقة التي بها هوج من سرعتها. المحبوك : مشدود الوسط. (المؤلف)