ويعرب عن تقدّمه في الإيمان الخالص والتوحيد الصحيح انتماء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه ومباهاته به يوم حنين بقوله :
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطلب (١) |
وقد أجَاد الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في قوله :
تنقّل أحمدٌ نوراً عظيماً تلالا |
|
في جباه الساجدينا |
تقلّب فيهمُ قرناً فقرناً |
|
إلى أن جاء خيرُ المرسلينا (٢) |
وهذا هو الذي أراده أبو طالب ـ سلام الله عليه ـ بقوله : نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطّلب. وهو صريح بقيّة كلامه ، وقد أراد بهذا السياق التعمية على الحضور لئلاّ يناصبوه العداء بمفارقتهم ، وهذا السياق من الكلام من سنن العرب في محاوراتهم ، قد يريدون به التعمية ، وقد يراد به التأكيد للمعنى المقصود كقول الشاعر :
ولا عيبَ فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنَّ فلولٌ من قراع الكتائبِ |
ولو لم يكن لسيّدنا أبي طالب إلاّ موقفه هذا لكفى بمفرده في إيمانه الثابت ، وإسلامه القويم ، وثباته في المبدأ.
قال ابن الأثير (٣) : فقال أبو لهب : هذه والله السوء (٤) ، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم ، فقال أبو طالب : والله لنمنعنّه ما بقينا. وفي السيرة الحلبيّة (٥) (١ / ٣٠٤) : إنّ الدعوة كانت في دار أبي طالب.
__________________
(١) طبقات ابن سعد طبع مصر رقم التسلسل ص ٦٦٥ [ ٢ / ١٥١ ] ، تاريخ الطبري : [ ٣ / ٧٦ حوادث سنة ٨ ه ]. (المؤلف)
(٢) مسالك الحنفاء للسيوطي : ص ٤٠ ، الدرج المنيفة ص ١٤. (المؤلف)
(٣) الكامل في التاريخ : ١ / ٤٨٧.
(٤) في المصدر : السوأة.
(٥) السيرة الحلبيّة : ١ / ٢٨٥.