الشيخ إبراهيم الدينوري في نهاية الطلب كما في الطرائف (١) (ص ٦٨) ، وذكره ابن أبي الحديد في شرحه (٢) (٣ / ٣١١) ، والسيوطي في التعظيم والمنّة (ص ٧) نقلاً عن ابن سعد.
٥ ـ وعن أنس بن مالك قال : أتى أعرابيّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ، ولا صبيّ يصطبح (٣) ، ثمّ أنشد :
أتيناك والعذراءُ يدمى لبانُها |
|
وقد شُغلتْ أمّ الصبيِّ عن الطفلِ |
وألقى بكفّيه الصبيُّ استكانةً |
|
من الجوع ضعفاً ما يمرُّ ولا يحلي |
ولا شيءَ ممّا يأكلُ الناسُ عندنا |
|
سوى الحنظلِ العامي والعِلْهِز الفسلِ (٤) |
وليس لنا إلاّ إليك فرارُنا |
|
وأين فرارُ الناس إلاّ إلى الرُّسلِ |
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجرّ رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثمّ قال : «اللهمّ اسقنا غيثاً مغيثاً سحّا طبقاً غير رائث ، تنبت به الزرع وتملأ به الضرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون».
فما استتمّ الدعاء حتى التقت السماء بروقها ؛ فجاء أهل البطانة يضجّون : يا رسول الله الغرق ، فقال : «حوالينا ولا علينا». فانجاب السحاب عن المدينة كالإكليل ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى بدت نواجذه وقال : «لله درّ أبي طالب لو كان حيّا لقرّت عيناه ، من الذي ينشدنا شعره؟ فقال عليّ بن أبي طالب كرّم الله
__________________
(١) الطرائف : ص ٣٠٥ ح ٣٩٤.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٤ / ٦٨ كتاب ٩.
(٣) أطّت الإبل : أنّت تعباً أو حنيناً. يصطبح : يشرب اللبن صباحاً.
(٤) العِلْهِز : وَبَر الإبل يُخلط بالدم ثم يشوى بالنار ، وكان أهل الجاهلية يتخذونه طعاماً في سنيّ المجاعة. الفسل : الحقير الذي لا قيمة له.