المسلول ، وسمعت أُذناه نداء محزّ (١) يتوعّد بالقتل كلَّ قائل بموت رسول الله ، ويقول : لا أسمع رجلاً يقول : مات رسول الله إلاّ ضربته بسيفي. أو يقول : من قال : إنَّه مات علوت رأسه بسيفي ، وإنّما ارتفع إلى السماء (٢).
يصيح من قالَ نفسُ المصطفى قُبِضت |
|
عَلَوتُ هامته بالسيف أبريها (٣) |
بعد ما تشازرت الأمّة وتلاكمت وتكالمت وقام الشيخان يعرض كلٌّ منهما البيعة لصاحبه قبل أخذ الرأي من أيّ أحد ، كأنَّ الأمر دبّر بليل ، فيقول هذا لصاحبه : ابسط يدك فلأبايعك. ويقول آخر : بل أنت. وكلٌّ منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه ، ومعهما أبو عبيدة الجرّاح حفّار القبور بالمدينة (٤) يدعو الناس إليهما (٥) ، والوصيُّ الأقدس والعترة الهادية وبنو هاشم ألهاهم النبيّ الأعظم وهو مسجّىً بين يديهم وقد أغلق دونه الباب أهله (٦) ، وخلّى أصحابه صلىاللهعليهوآلهوسلم بينه وبين أهله فوَلوا (٧) إجنانه (٨) ومكث ثلاثة أيّام لا يُدفن (٩) أو من يوم الاثنين إلى يوم
__________________
(١) المحزّ : الرجل الغليظ الكلام. (المؤلف)
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ١٩٨ [ ٣ / ٢٠١ حوادث سنة ١١ ه ] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ١٢٨ [ ٢ / ٤٠ خطبة ٢٦ ] ، تاريخ ابن كثير : ٥ / ٢٤٢ [ ٥ / ٢٦٣ حوادث سنة ١١ ه ] تاريخ أبي الفداء : ١ / ١٥٦ ، المواهب اللدنيّة للقسطلاني [ ٤ / ٥٤٤ ـ ٥٤٦ ] ، روضة المناظر لابن شحنة [ ١ / ١٨٨ حوادث سنة ١١ ] ، هامش الكامل : ٧ / ١٦٤ ، شرح المواهب للزرقاني : ٨ / ٢٨٠ ، السيرة النبويّة لزيني دحلان ، هامش الحلبيّة : ٣ / ٣٧١ ـ ٣٧٤ [ ٢ / ٣٠٦ ] ، ذكرى حافظ للدمياطي : ص ٣٦ نقلاً عن الغزالي [ في إحياء علوم الدين : ٤ / ٤٣٣ ]. (المؤلف)
(٣) من أبيات القصيدة العمريّة لحافظ إبراهيم [ ديوان حافظ إبراهيم : ١ / ٨١ ] شاعر النيل. (المؤلف)
(٤) راجع الجزء الخامس من هذا الكتاب : ص ٣٦٧ ، ٣٦٨. (المؤلف)
(٥) تاريخ الطبري : ٣ / ١٩٩ [ ٣ / ٢٠٣ حوادث سنة ١١ ه ]. (المؤلف)
(٦) سيرة ابن هشام : ٤ / ٣٣٦ [ ٤ / ٣٠٧ ] ، الرياض النضرة : ١ / ١٦٣ [ ١ / ٢٠٣ ]. (المؤلف)
(٧) ولوا إجنانه : تولّوا دفنه.
(٨) طبقات ابن سعد : ص ٨٢١ ، طبع ليدن ج ٢ من القسم الثاني : ص ٧٦ [ ٢ / ٣٠١ ]. (المؤلف)
(٩) تاريخ ابن كثير : ٥ / ٢٧١ [ ٥ / ٢٩٢ حوادث سنة ١١ ه ] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١٥٢. (المؤلف)