الأمامي لبدنها.
٤ ـ قيل : إنّ في الآيتين سرّا من أسرار التنزيل ، ووجها من وجوه الأعجاز ، إذ فيهما معرفة حقائق علميّة لم تكن معروفة حينذاك وقد كشف عنها العلم أخيرا.
وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصيّة الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات ، التي حيرت الألباب ، فقد ثبت أن خصيّة الرجل ومبيض المرأة في بداية ظهورهما في الجنين يقعان في مجاورة كلية الجنين ، أي بين وسط الفقرات (الصلب) والأضلاع السفلى للصدر (الترائب) ثمّ مع نمو الجنين ينتقلان تدريجيا إلى الأسفل ، وبما أن تكون الإنسان يمثل تركيبا من نطفة الرجل والمرأة والمحل الأصلي لجهاز توليد النطفة فيهما هو بين الصلب والترائب ، أختار القرآن لذلك هذا التعبير. وهذا ما لم يكن معروفا حينذاك.
وبعبارة اخرى : إنّ كلّ من الخصيّة والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلي ويقع بين الصلب والترائب ، أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع. (١) ويشكل على هذا التّفسير ب : إنّ القرآن إنّما يقول : (ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) ، فهو يمرّ من بينهما حال الخروج ، في حين لا يقول التّفسير المذكور ذلك ، ويشير إلى محل توليده بينهما أثناء النمو الجنيني ، بالإضافة إلى أنّ تفسير «الترائب» بأسفل الضلوع لا يخلو من نقاش.
٥ ـ مراد الآية ، هو المني ، لأنّه في الحقيقة مأخوذ من جميع أجزاء البدن ، ولذا عند ما يقذف إلى الخارج فإنّه يقترن مع انفعال وهيجان البدن كلّه وبعده فتور البدن بأجمعه ، فيكون مقصود «الصلب» و «الترائب» في هذه الحال تمام قسمي بدن الإنسان ، الإمامي والخلفي.
__________________
(١) تفسير المراغي ، ج ٣٠ ، ص ١١٣.