النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في نشره الإسلام ، تبليغه الحق ، فإنّه كان يعظ وينذر الجميع.
وتقسم الآيات التالية النّاس إلى قسمين ، من خلال مواقفهم تجاه الوعظ والإنذار ، الذي مارسه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... : (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى)
نعم ، فإذا ما فقد الإنسان روح «الخشية» ، والخوف ممّا ينبغي أن يخاف منه ، وإذا لم تكن فيه روحية طلب الحق ـ والتي هي من مراتب التقوى ـ فسوف لا تنفع معه المواعظ الإلهية ، ولا حتّى تذكيرات الأنبياء ستنفعه ، على هذا الأساس كان القرآن «هدى للمتقين».
وتذكر الآية التالية القسم الثّاني ، بقولها : (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) (١).
وجاء عن ابن عباس ، إنّ الآية السابقة : (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) نزلت في (عبد الله بن ام مكتوم) (٢) ، ذلك البصير المؤمن الذي جاء إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طلبا للحق والتبصر به.
وروي ، إنّ الآية : (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) نزلت في (الوليد بن المغيرة) و (عتبة بن ربيعة) من رؤوس الشرك والكفر (٣).
وقيل : يراد بالأشقى ، المعاندين للحق بعداء ، فالنّاس على ثلاثة أقسام : إمّا عارف وعالم ، وإمّا متوقف شاك ، أو معاند ، وأفراد الطائفة الاولى والثّانية ينتفعون من التذكير طبيعيا ، فيما لا ينفع القسم الثّالث منهم ، وليس للتذكير من أثر عليه سوى إتمام الحجّة.
ويفهم من سياق الآية ، أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينذر ويعظ حتى المعاندين ، لكنّهم كانوا يتجنبونه ويهربون منه.
يبدو من خلال الآيتين الآنفتي الذكر أنّ «الشقاء» يقابل «الخشية» في حين
__________________
(١) يعود ضمير «يتجنبها» على «الذكرى» الواردة في الآيات السابقة.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧١١٠.
(٣) تفسير الكشّاف ؛ روح المعاني (في ذيل الآيات المبحوثة).