ويبدو لنا التّفسير الأوّل أنسب من غيره.
وظاهر الآية : إنّها خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما حوته من صيغة الاستفهام فلبيان عظمة وأهمية يوم القيامة.
ويبدو بعيدا ما احتمله البعض من كون خطاب الآية موجّه إلى كلّ إنسان.
وتصف الآيات التالية ، حال المجرمين في يوم القيامة ، فتقول أوّلا : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ).
لا شك أنّ الوضع النفسي والروحي ، تنعكس آثاره على وجه صاحبه ، لذا فسترى تلك الوجوه وقد علتها علائم الخسران والخشوع لما أصابها من ذلّ وخوف ووحشة وهم بانتظار ما سيحل بهم من عذاب مهين أليم.
وقيل : «الوجوه» هنا ، بمعنى وجهاء القوم ورؤساء الكفر والطغيان ، لما سيكون لهم من ذل وهوان وعذاب أشد من غيرهم.
ولكنّ المعنى الأوّل أنسب
وتصف حال تلك الوجوه ثانيا : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ).
فكلّ ما سعوا وكدوّا فيه في الحياة الدنيا سوف لا يجنون منه إلّا التعب والنصب ، وذلك : لأنّ أعمالهم غير مقبولة عند الله ، وما جمعوه من أموال وثروات قد ذهبت لغيرهم ، ولا يملكون من ذكر صالح يعقبهم في الدنيا ولا ولد صالح يدعو ويستغفر الله لهم ، فما اصدق هذا القول بحقّهم : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ).
وقيل : المراد ، إنّهم يعملون في الدنيا ، ولهم التعب والألم في الآخرة.
وقيل أيضا : إنّ المجرمين سيقومون بأعمال شاقّة داخل جهنم ، زيادة في عذابهم.
ويبدو التّفسير الأوّل أصح من غيره.
وخاتمة مطاف تلك الوجوه التعبة الذليلة أنّ : (تَصْلى ناراً حامِيَةً).
«تصلى» : من (صلى) ـ على زنة نفى ـ وهو دخول النّار والبقاء فيها ،