والاحتراق بها (١).
ولن يقف عذابهم عند هذا الحد ، بل أنّهم وبسبب حرارة النيران يصيبهم العطش الشديد وحينئذ : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ).
«آنية» : مؤنث آني من (الأني) ـ على زنة حلي ـ وهو التأخير ، ويستعمل لما يقرب وقته ، وجاء في الآية بمعنى : الماء الحارق الذي بلغ أقصى درجة حرارته وجاء في الآية (٢٩) من سورة الكهف : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً)
وتحكي لنا الآية التالية عن طعام المجرمين : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) وقد تعددت الآراء في معنى «الضريع».
فقال بعض : نبت ذو شوك لا صق بالأرض ، تسمّيه قريش (الشبرق) إذا كان رطبا ، فإذا يبس فهو (الضريع) ، لا تقربه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه ، وهو سم قاتل. (٢) وقال الخليل (أحد علماء اللغة) : الضريع نبات أخضر منتن الريح ، يرمي به البحر.
وعن ابن عباس : هو شجر من نار ، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها.
وجاء في الحديث النبوي الشريف : «الضريع شيء يكون في النّار يشبه الشوك ، أشدّ مرارة من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأحر من النّار ، سمّاه الله ضريعا».
وقال بعض آخر : هو طعام يضرعون عنده ويذلون ، ويتضرعون منه إلى الله
__________________
(١) صلي بالنّار ، لزمها واحترق بها.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧١١٩.