وما نستفيده من الآيات المذكورة وآيات اخرى : إنّ أعمال جميع المسيئين تجمع في كتاب يسمّى «سجّين» ، وأعمال جميع الصالحين والأبرار تجمع في كتاب آخر ، اسمه «علّيين».
و «سجّين» : من (السجن) ، وهو (الحبس) ، وله استعمالات متعددة ، فهو : السجن الشديد ، الصلب الشديد من كلّ شيء ، اسم لوادي مهول في قعر جهنم ، موضع فيه كتاب الفجّار ، ونار جهنم أيضا.
وقال : «الطريحي» في «مجمع البحرين» في «سجّين» : وفي التّفسير هو كتاب جامع ديوان الشرّ ، دوّن الله فيه أعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس ... (١) أمّا القرائن التي تؤيد هذا التّفسير ، فهي :
١ ـ غالبا ما وردت كلمة «كتاب» في القرآن الكريم بمعنى (صحيفة الأعمال).
٢ ـ ظاهر الآية التالية : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) يشير إلى أنّها تفسير ل «سجّين».
٣ ـ قيل : إنّ «سجّين» و «سجّيل» بمعنى واحد ، وكما هو معلوم أنّ «سجّيل» بمعنى (كتاب كبير). (٢)
٤ ـ وتشير آيات قرآنية اخرى إلى أنّ أعمال الإنسان تضبط في عدّة كتب ، حتى لا يبقى عذر للإنسان في حال حسابه.
وأولى تلك الكتب ، صحيفة الأعمال المعدّة لكلّ شخص ، فالصالح سيعطى كتابه في يمينه ، والمسيء سيعطى كتابه في شماله.
وهذا المعنى كثير ما تكرر ذكره في القرآن الكريم.
والكتاب الثّاني ، هو ما تسجّل فيه أعمال الأمم ، ويمكن أن نسميه ب (صحيفة أعمال الأمم) والآية (٢٨) من سورة الجاثية تشير إلى هذا بقولها : (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى
__________________
(١) ولم يوضح الطريحي أن هذا التفسير لمعصوم كان أم لغيره.
(٢) روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ٧٠ ، ومجمع البحرين ، مادة (سجل).