وثمّة احتمالات اخرى ذكرت في تفسير الآية لا تستحق الذكر.
والقسم الرابع بالنهار : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها).
و «التجلية» هي الإظهار والإبراز. واختلف المفسّرون في مرجع الضمير في «جلّاها» قال أكثرهم يعود إلى الأرض أو الدنيا ، أي : قسما بالنهار إذا أظهر الأرض بضوئه. وليس في الآيات السابقة إشارة إلى الأرض ، ولكنها تتّضح من قرينة المقام.
وبعضهم قال إن الضمير يعود إلى الشمس ، ويكون القسم بالنهار حين يجلّي الشمس ، صحيح أنّ الشمس تظهر النهار ولكن يمكن أن نقول مجازا إنّ النهار يجلّي الشمس. غير أنّ التّفسير الأوّل أنسب.
على كلّ حال ، القسم بهذه الظاهرة السماوية الهامّة ، يبيّن أهميتها الكبرى في حياة البشر وفي جميع الأحياء ، فالنهار رمز الحركة والحياة ، وكلّ الفعاليات والنشاطات ومساعي الحياة تتمّ عادة في ضوء النهار.
والقسم الخامس بالليل : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) (١).
بالليل بكلّ ما فيه من بركة وعطاء ... إذ هو يخفّف من حرارة شمس النهار ، ثمّ هو مبعث راحة جميع الموجودات الحية واستقرارها ، ولو لا ظلام الليل لما كان هناك هدوء واستقرار ، لأنّ استمرار سطوع الشمس يؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة وتلف كلّ شيء ، ونفس هذه المشكلة تحدث لو اختل الوضع الحالي لنظام الليل والنهار ، فعلى ظهر القمر ، حيث ليله يعادل أسبوعين من كرتنا الارضية ونهاره يعادل أيضا أسبوعين ، ترتفع درجة الحرارة إلى ما يقارب ثلاثمائة درجة
__________________
(١) وفي ضمير «يغشاها» ذهب المفسّرون إلى اتجاهين ، منهم من قال : إنّه يعود إلى «الأرض» لأنّ الليل يسدل استاره على الأرض. ومنهم من قال إلى «الشمس» إذ الليل يحجب وجه الشمس ، والمعنى هذا مجازي طبعا ، لأنّ الليل لا يحجب الشمس حقيقة ، بل يظهر بعد غروب الشمس. والواقع أنّ الضمير في الآية السابقة إن عاد إلى «الأرض» فهنا يعود إليها أيضا. وإن عاد إلى الشمس يعود إليها هنا أيضا.