وجاء بمعنى «الوحي» أيضا. بعض المفسّرين يرى أن الفرق بين «الإلهام» و «الوحي» ، هو إنّ الفرد الملهم لا يدري من أين أتى بالشيء الذي ألهم به ، وفي حالة الوحي يعلم بالمصدر وبطريقة وصول الشيء إليه.
«الفجور» من مادة «فجر» وتعني ـ كما ذكرنا سابقا ـ الشق الواسع وسمّي بياض الصبح بالفجر لأنّه يشقّ ستار الظلام. ولما كانت الذنوب تهتك ستار الدين فإنّها سمّيت بالفجور.
المقصود بالفجور في الآية طبعا الأسباب والعوامل والطرق المؤدية إلى الذنوب.
و «التقوى» من الوقاية وهي الحفظ ، وتعني أنّ يصون الإنسان نفسه من القبائح والآثام والسيئات والذنوب.
ويلزم التأكيد أنّ الآية الكريمة : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) لا تعني أنّ الله سبحانه قد أودع عوامل الفجور والتقوى في نفس الإنسان ، كما تصوّر بعضهم ، واستنتج من ذلك دلالة الآية الكريمة على وجود التضاد في المحتوى الداخلي للإنسان! بل تعني أنّ الله تعالى علّم الإنسان هاتين الحقيقتين وألهمه إيّاهما ، وبيّن له طريق السلامة وطريق الشرّ ، ومثل هذا المفهوم ورد في الآية (١٠) من سورة البلد : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ).
بعبارة اخرى ، إنّ الله سبحانه قد منح الإنسان قدرة التشخيص والعقل ، والضمير اليقظ بحيث يستطيع أن يميّز بين «الفجور» و «التقوى» عن طريق العقل والفطرة ، لذلك ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ الآية تشير في الحقيقة إلى مسألة «الحسن والقبح العقليين» وقدرة الإنسان على إدراكهما.
ومن بين النعم الطائلة التي أسبغها الله على الإنسان تركز هذه الآية على نعمة الهام الفجور والتقوى ، وإدراك الحسن والقبح ، لأنها من أهم المسائل المصيرية التي تواجه حياة الإنسان.