بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) (١).
وحذّرهم من أن الإساءة إلى الناقة : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٢).
الآية التالية تقول : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) ، و «العقر» ـ على وزن كفر ـ معناه الأساس والأصل والجذر ، و «عقر الناقة» قطع أساسها وإهلاكها.
وقيل : «العقر» بتر أسافل أطراف الناقة ، ممّا يؤدي إلى سقوطها وهلاكها.
ويلاحظ أنّ قاتل الناقة شخص واحد أشارت إليه الآية بأشقاها ، بينما نسب العقر إلى كلّ طغاة قوم ثمود : «فعقروها» ، وهذا يعني أنّ كلّ هؤلاء القوم كانوا مشاركين في الجريمة ، وذلك أوّلا : لأنّ مثل هذه المؤامرات يخطط لها مجموعة ثمّ ينفذها فرد واحد أو أفراد.
وثانيا : لأنّ هذه الجريمة تمّت برضا القوم فهم شركاء في الجريمة بهذا الرضا ، وعن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى ، فقال سبحانه : (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ)» (٣)
وعقب هذا التكذيب أنزل الله عليهم العقاب فلم يترك لهم أثرا : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها).
«دمدم» تعني أهلك ، وتأتي أحيانا بمعنى عذّب وعاقب وأحيانا بمعنى سحق واستأصل ، وبمعنى سخط أو أحاط (٤).
و «سوّاها» من التسوية وهي تسوية الأبنية بالأرض نتيجة صيحة عظيمة وصاعقة وزلزلة ، أو بمعنى إنهاء حالة هؤلاء القوم ، أو تسويتهم جميعا في العقاب
__________________
(١) القمر ، الآية ٢٨.
(٢) الشعراء ، الآية ١٥٦.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠١.
(٤) مفردات الراغب ، ولسان العرب ، ومجمع البيان.