وذهب بعضهم إلى حصر معنى السائل في طالب المعرفة العلمية ، زاعما أنّ كلمة السائل لم ترد في القرآن الكريم بمعنى طالب المال والمتاع (١) ، بينما تكرر في القرآن هذا المعنى كقوله تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٢) وبهذا المعنى أيضا وردت في المعارج ـ ٢٥ ، وفي البقرة ـ ٧٧.
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
والحديث عن النعمة قد يكون باللسان ، وبتعابير تنمّ عن غاية الشكر والامتنان ، لا عن التفاخر والغرور. وقد تكون بالعمل عن طريق الإنفاق من هذه النعمة في سبيل الله ، إنفاقا يبيّن مدى هذه النعمة. هذه هي خصلة الإنسان السخي الكريم ... يشكر الله على النعمة ، ويقرن الشكر بالعمل ، خلافا للسخفاء البخلاء الذين لا يكفون عن الشكوى والتأوه ، ولا يكشفون عن نعمة ولو حصلوا على الدنيا وما فيها ، وجوههم يعلوها سيماء الفقر ، وكلامهم مفعم بالتذمّر والحسرة ، وعملهم يكشف عن فقر!
بينما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه» (٣)
من هنا يكون معنى الآية : بيّن ما أغدق الله عليك من نعم بالقول والعمل ، شكرا على ما أغناك الله إذ كنت عائلا.
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ النعمة في الآية هي النعمة المعنوية ومنها النبوّة والقرآن ، والأمر للنبيّ بالإبلاغ والتبيين ، وهذا هو المقصود من الحديث بالنعمة.
ويحتمل أيضا أن يكون المعنى شاملا للنعم المادية والمعنوية ، لذلك ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية قوله : «حدث بما أعطاك
__________________
(١) تفسير محمّد عبده ، جزء عم ، ص ١١٣.
(٢) الذاريات ، الآية ١٩.
(٣) نهج الفصاحة ، حديث ٦٨٣.