تشمل السعة العلمية للنّبي عن طريق الوحي والرسالة ، وتشمل أيضا توسعة قدرة النّبي في تحمله واستقامته أمام تعنت الأعداء والمعارضين.
ولذلك حين امر موسى بن عمران عليهالسلام بدعوة فرعون : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) دعا ربّه وقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) (١).
وفي موضع آخر يخاطب الله نبيّه بقوله سبحانه : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) (٢) أي لا تكن كيونس الذي ترك الصبر فوقع في المشاكل ولاقى أنواع الإرهاق.
وشرح الصدر يقابله «ضيق الصدر» ، كما في قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (٣).
ولا يمكن أساسا لقائد كبير أن يجابه العقبات دون سعة صدر. ومن كانت رسالته أعظم (كرسالة النّبي الأكرم) كانت الضرورة لشرح صدره أكبر ، ... كي لا تزعزعه العواصف ولا تثني عزمه الصعاب ولا تبعث في نفسه اليأس مكائد الأعداء ، ولا يضيق بالملتوي من الأسئلة. وهذه كانت أعظم هبة إلهية لرسول ربّ العالمين.
لذلك روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : لقد سألت ربّي مسألة وددت أنّي لم أسأله. قلت :
أي ربّ إنّه قد كان أنبياء قبلي منهم من سخرت له الريح ومنهم من كان يحي الموتى. قال ، فقال : ألم أجدك يتيما فآويتك؟ قال : قلت : بلى. قال : ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قال : قلت : بلى أي ربّ ، قال : ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك؟ قال : قلت : بلى أي ربّ (٤).
__________________
(١) طه ، الآية ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) القلم ، الآية ٤٨.
(٣) الحجر ، الآية ٩٧.
(٤) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٠٨.