تكون دليلا على نصب علي بن أبي طالب. ثمّ ينقل عن الزمخشري في الكشّاف قوله : لو أمكن للشيعة مثل هذا التّفسير ، فالنواصب (أعداء علي) يمكنهم أن يفسّروا الآية على أنّها أمر بالنصب (ببغض علي) (١).
ترى هل أنّ الشيعة بحاجة إلى تغيير قراءة الآية كي يستدلوا بها على ولاية علي؟! لا طبعا ، بل هذه القراءة المعروفة تكفي للتفسير المذكور. لأنّها تقول : إذا فرغت من مهمّة مثل مهمّة الرسالة فابدأ بمهمّة أخرى كمهمّة الولاية ، وهذا مقبول باعتباره أحد مصاديق. ونعلم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حسب حديث الغدير المعروف وأحاديث أخرى منتشرة في الصحاح والمسانيد ـ كان في سعي مستمر هي هذا المجال.
ولكن المؤسف جدّا أنّ يدفع التعصب برجل عالم مثل «الزمخشري» لأنّ يجيز لنفسه القول أنّ النواصب يمكنهم أن يفسّروا الآية أيضا على أنّها أمر ببغض علي!! أي تعبير ركيك هذا في حق شخص يؤمن به الزمخشري على أنّه الخليفة الرابع للمسلمين!
حقّا إنّ مزالق التعصب سيئة!
٢ ـ العالم المعتزلي المعروف «ابن أبي الحديد» يروي في «شرح نهج البلاغة» عن «الزبير بن بكار» وهو رجل ـ كما يقول ابن أبي الحديد ـ غير شيعي وغير خصم لمعاوية ، بل فارق عليّا والتحق بمعارضيه ـ والزبير هنا يروي عن ابن «المغيرة بن شعبة» يقول : دخلت مع أبي على معاوية ، فكان أبي يأتيه ، فيتحدث معه ، ثمّ ينصرف إليّ فيذكر معاوية وعقله ، ويعجب بما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة ، فأمسك عن العشاء ، ورأيته مغتمّا فانتظر ساعة ، وظننت أنّه لأمر حدث فينا ، فقلت : ما لي أراك مغتمّا منذ الليلة؟ فقال : يا بني ، جئت من عند أكفر النّاس
__________________
(١) روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ١٧٢ ؛ تفسير الكشاف ، ج ٤ ، ص ٧٧٢.