وأخبثهم ، قلت : وما ذاك؟ قال : قلت له (لمعاوية) وقد خلوت به : إنّك قد بلغت سنايا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلا ، وبسطت خيرا فإنّك قد كبرت ، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم ، فوصلت أرحامهم ، فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه ، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه ، فقال : هيهات هيهات! أيّ ذكر أرجو بقاءه! ملك أخو تيم (أبو بكر) فعدل وفعل ما فعل ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ؛ إلّا أنّ يقول قائل : أبو بكر ؛ ثمّ ملك أخو عديّ ، فاجتهد وشمّر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ؛ إلّا أن يقول قائل : عمر ؛ وإنّ ابن أبي كبشة (رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم) ليصاح به كلّ يوم خمس مرات : «أشهد أنّ محمّدا رسول الله» ، فأيّ عمل يبقى ؛ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله دفنا دفنا» (١).
لو أمعنا النظر في هذه الرّواية لعلمنا مدى المأساة التي حلّت بالمسلمين حتى تولى أمرهم البيت الأموي ... وإنّا لله وأنّا اليه راجعون.
إلهي! خلصنا من حبّ الذات ، واغمر قلوبنا بحبّك.
با ربّ! لقد وعدت باليسر حين يشتد العسر ... فيسّر على المسلمين وهم يعانون مؤامرات الأعداء ودسائس الطامعين يا الله! زد نعمك علينا ووفقنا لأن نكون من الشاكرين.
أمين يا ربّ العالمين
نهاية سورة ألم نشرح
* * *
__________________
(١) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ٥ ، ص ١٢٩.