سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر إلّا يشهد له» (١). وهل إن تحديث الأرض يعني أنّها تتكلم في ذلك اليوم بأمر الله ، أم إن المقصود ظهور آثار أعمال الإنسان على ظهر الأرض؟
واضح أنّ كل عمل يقوم به الإنسان يترك آثاره حتما على ما حوله ، وإن خفيت علينا هذه الآثار اليوم ، تماما مثل آثار أصابع اليد التي تبقى على مقبض الباب ، وفي ذلك اليوم تظهر كل هذه الآثار ، وحديث الأرض ليس سوى هذا الظهور الكبير ؛ تماما كما نقول لشخص نعسان : عينك تقول إنّك كنت سهرانا أمس.
أي إنّ آثار السهر عليها واضحة.
وليس هذا الموضوع بغريب اليوم بعد الاكتشافات العلمية والاختراعات القادرة في كلّ مكان وفي لحظة أن تسجل صوت الإنسان وتصور أعماله وحركاته في أشرطة يمكن طرحها في المحكمة كوثائق إدانة لا تقبل الإنكار.
لو كانت شهادة الأرض فيما مضى عجيبة ، فليست اليوم بعجيبة ونحن نرى شريطا رقيقا يمكن أن يكون بحجم أزرار اللباس قادرا على أن يحتفظ بكثير من الأعمال والأقوال.
وفي حديث عن علي عليهالسلام قال : «صلوا المساجد في بقاع مختلفة ، فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة» (٢).
وعنه عليهالسلام أيضا حينما كان يفرغ من تقسيم بيت المال يصلي ركعتين ويقول : «اشهدي أنّي ملأتك بحق وفرغتك بحق» (٣).
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٤).
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) لئالئ الأخبار ، ج ٥ ، ص ٧٩ (الطبعة الجديدة).
(٣) المصدر السابق.
(٤) الباء في (بأنّ) للسببية واللام في (لها) بمعنى إلى كما ورد في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) (النحل ، الآية ٦٨).