ويقول سبحانه لرسله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) (١).
ولما كان الإيمان والعمل الصالح لا يكتب لهما البقاء إلّا في ظلّ حركة اجتماعية تستهدف الدعوة إلى الحق ومعرفته من جهة ، والدعوة إلى الصبر والاستقامة على طريق النهوض بأعباء الرسالة ، فإنّ هذين الأصلين تبعهما أصلان آخران هما في الحقيقة ضمان لتنفيذ أصلي «الإيمان» و «العمل الصالح».
الأصل الثّالث : «التواصي بالحق» ، أي الدعوة العامّة إلى الحق ، ليميز كلّ أفراد المجتمع الحق من الباطل ، ويضعوه نصب أعينهم ، ولا ينحرفون عنه في مسيرتهم الحياتية.
«تواصوا» كما يقول الراغب تعني أن يوصي بعضهم إلى بعض.
و «الحق» في الأصل الموافقة والمطابقة للواقع. وذكر للكلمة معاني قرآنية متعددة من ذلك ، والقرآن ، والإسلام ، والتوحيد ، والعدل ، والصدق ، والوضوح ، والوجوب وأمثالها من المعاني التي ترجع إلى نفس المعنى الأصلي الذي ذكرناه.
عبارة (تَواصَوْا بِالْحَقِ) تحمل على أي حال معنى واسعا يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشمل أيضا تعليم الجاهل وإرشاده ، وتنبيه الغافل ، والدعوة إلى الإيمان والعمل الصالح.
واضح أن المتواصين بالحق يجب أن يكونوا بدورهم من العاملين به ، والمدافعين عنه.
الأصل الرّابع : «التواصي بالصبر» ، والاستقامة ، إذ بعد الإيمان والحركة في المسيرة الإيمانية تبرز في الطريق العوائق والموانع والسرور. وبدون الاستقامة والصبر لا يمكن المواصلة في إحقاق الحقّ والعمل الصالح والثبات على الإيمان.
__________________
(١) المؤمنون ، الآية ٥١.