«ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبّة ، الباغون للبرآء المعايب» (١).
من مجموع آراء اللغويين في الكلمتين يستفاد أنّهما بمعنى واحد. ولهما مفهوم واسع يشمل كلّ ألوان إلصاق العيوب بالنّاس وغيبتهم والطعن والاستهزاء بهم ، باللسان والإشارة والنميمة والذم.
التعبير بكلمة (ويل) يحمل تهديدا شديدا لهذه الفئة. والقرآن يتشدّد تجاه هؤلاء الأفراد ويذكرهم بعبارات لا نظير لها في ذكر سائر المذنبين. فحين يذكر المنافقين الذين يسخرون من المؤمنين يتهددهم بعذاب أليم ويقول : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٢).
مثل ذلك ذكره القرآن بشأن المنافقين المستهزئين بالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الآية (٥) من سورة (المنافقون).
الإسلام ، أساسا ، ينظر إلى شخصية الإنسان وكرامته باحترام بالغ ، ويعدّ أي عمل يؤدّي إلى إهانة الآخرين ذنبا كبيرا ، وورد عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أذل النّاس من أهان النّاس» (٣).
في هذا المجال ذكرنا شرحا أوفى في تفسير الآيتين (١١ و ١٢ من سورة الحجرات.
ثمّ تذكر الآية التالية منبع ظاهرة اللمز والهمز في الأفراد ، وترى أنّها تنشأ غالبا من كبر وغرور ناشئين بدورهما من تراكم الثروة لدى هؤلاء الأفراد ، وتقول : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) بطريق مشروع أو غير مشروع.
فهو انشدّ بالمال انشدادا جعله منشغلا دائما بعدّ المال والالتذاذ ببريق
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، باب النميمة ، الحديث ١.
(٢) التوبة ، الآية ٨٠.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ١٤٢.