الدرهم والدينار.
تحول الدرهم والدينار عنده إلى وثن ويرى فيه شخصيته وينظر من خلاله أيضا إلى شخصية الآخرين. ومن الطبيعي أن يكون تعامل مثل هذا الإنسان الضال الأبله بالسخرية والاستهزاء مع المؤمنين الفقراء.
«عدده» من (عدّ) بمعنى حسب. وقيل من (العدّة) بمعنى تجهيز الأموال ليوم الشدّة.
وقيل : أنّها تعني أمسكه وحفظه.
والمعنى الأوّل أظهر.
على أي حال ، هذه الآية تقصد الذين يدخّرون الأموال ولا ينظرون إليها باعتبارها وسيلة بل هدفا ، ولا يحدهم قيد أو شرط في جمعها ، حتى ولو كان من طريق الحرام والاعتداء على حقوق الآخرين وارتكاب كلّ دنيئة ورذيلة ، ويعتبرون ذلك دليلا على عظمتهم وشخصيتهم.
هؤلاء لا يريدون المال لسد حاجاتهم الحياتية ، ولذلك يزداد حرصهم على جمع المال كلّما كثرت أموالهم. وإلّا فإن المال في الحدود المعقولة ومن الطرق المشروعة ليس بمذموم ، بل إنّ القرآن الكريم عبّر عنه في موضع بأنّه «فضل الله» حيث يقول تعالى : (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ).
وفي موضع آخر يسميه خيرا ، كقوله سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ).
مثل هذا المال ليس بالتأكيد مبعث طغيان ، ولا وسيلة تفاخر ، ولا دافع سخرية بالآخرين. لكن المال الذي يصبح معبودا وهدفا نهائيا ، ويدعو أصحابه من أمثال «قارون» إلى الطغيان ، هو العار والذلة والمأساة ومبعث البعد عن الله والخلود في
__________________
ـ الجمعة ، الآية ١٠.