النّار.
ومثل هذا المال لا يمكن جمعه وعدّه إلّا بالسقوط في أو حال الحرام. لذلك ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام قال : «لا يجتمع المال إلّا بخمس خصال : بخل شديد ، وأمل طويل ، وحرص غالب ، وقطيعة رحم ، وإيثار الدنيا على الآخرة» (١).
لأنّ الأفراد الأسخياء البعيدين عن الآمال الوهمية الطويلة يهتمون بحلال أموالهم وحرامها ، ويساعدون الأقربين ، ولا تتراكم الثروة عندهم غالبا ، وإن زادت عائداتهم.
في الآية التالية يقول سبحانه :
(يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) (٢).
«أخلده» جاء في الآية بصيغة الماضي ، ويعني أن هذا الهمزة اللمزة يحسب أنّ ماله قد صيّر منه موجودا خالدا ، لا يستطيع الموت أن يصل إليه ، ولا عوامل المرض والحوادث قادرة أن تنال منه ، فالمال في نظره هو المفتاح الوحيد لحل كلّ مشكلة ، وهو يملك هذا المفتاح.
ما أتفه هذا التفكير!! قارون بكل ما كان يملكه من كنوز لا تستطيع العصبة أولو القوّة أن تحمل مفاتحها ، لم يستطيع أن يستخدم أمواله لتأخير مصيره الأسود ساعة واحدة : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) (٣).
الأموال التي كان يمتلكها الفراعنة : (... مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) (٤) ، تحولت في ساعة إلى غيرهم : (كَذلِكَ
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٦٦٨ ، الحديث ٧.
(٢) «ماله» يمكن أن تكون مكونة من (مال) مضاف إلى ضمير الغائب. ويمكن أن تكون (ما) موصولة ، وبعدها صلتها. جملة (أخلده) فعل ماض يتحمل معنى المضارع ، أو بمعنى موجبات الخلود.
(٣) القصص ، الآية ٨١.
(٤) الدخان ، الآية ٢٥ ـ ٢٧.