وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) (١).
لذلك فإنّ هؤلاء اللاهين بأموالهم ، حين تزول من أمام أعينهم الحجب والأستار يوم القيامة يرفعون عقيرتهم بالقول : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) (٢).
الإنسان ـ أساسا ـ يهرب من الفناء والعدم ويميل إلى الخلود ، وهذه الرغبة الداخلية هي من أدلة المعاد وأنّ الإنسان مخلوق للخلود ، وإلّا ما كانت فيه غريزة حبّ الخلود.
لكنّ الإنسان المغرور الأناني الدنيوي يخال خلوده كامنا في أشياء هي ذاتها عامل فنائه وانعدامه. على سبيل المثال : المال والمقام اللذان هما غالبا من أعداء بقائه يحسبهما وسيلة لخلوده.
من هنا يتبيّن أنّ الظنّ بقدرة المال على الإخلاد ، هو الذي يدفع إلى جمع المال ، وجمع المال أيضا عامل على الاستهزاء والسخرية بالآخرين عند هؤلاء الغافلين.
القرآن الكريم يردّ على هؤلاء ويقول :
(كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) كلّا ، ليس الأمر كما يتصور ، فسرعان ما يقذف باحتقار وذلّة في نار محطّمة (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ ، نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ).
«لينبذنّ» من نبذ ، أي ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ رمي الشيء لتفاهة قيمته.
أي إنّ الله سبحانه يرمي هؤلاء المغرورين المتعالين يوم القيامة في نار جهنّم كموجودات تافهة لا قيمة لها ليروا نتيجة كبرهم وغرورهم.
__________________
(١) الدخان ، الآية ٢٨.
(٢) الحاقة ، الآية ٢٨ ـ ٢٩.