العهد والميثاق ، ولا تناسب بين هذا المعنى وبين الكلمة وهي مصدر باب الأفعال ، وبين محتوى السّورة.
على كلّ حال ، المقصود إيجاد الألفة بين قريش وهذه الأرض المقدسة وهي مكّة والبيت العتيق ، لأنهم وكلّ أهل مكّة اختاروا السكن في هذه الأرض لمكانتها وأمنها. كثير من أهل الحجاز كانوا يحجّون البيت كلّ سنة ، ويقترن حجّهم بنشاط أدبي واقتصادي في هذا البلد الأمين.
كلّ ذلك كان يحدث في ظل الجو الآمن. ولو أنّ هذا الأمن قد انعدم أو أنّ الكعبة قد انهدمت بفعل هجوم أبرهة وأمثاله لما كان لأحد ألفة بهذه الأرض.
كلمة «قريش» في الأصل نوع من الأحياء البحرية الضخمة التي تبتلع كلّ ما يصادفها ، كما يقول المفسّرون واللغويون ، وعن ابن عباس في معنى قريش قال :
«لدابة تكون في البحر من أعظم دوابه ، يقال لها القريش ، لا تمرّ بشيء من الغث والسمين إلّا أكلته»! واستشهد لذلك بأبيات ممّا قالته العرب.
من هنا فإنّ انتخاب هذا الاسم لهذه القبيلة يعود إلى اقتدار هذه القبيلة وقوتها ، وإلى استغلال هذه القوّة في الانقضاض على الآخرين.
وقيل إنّ قريش من القرش ، وهو الاكتساب ، لأنّ قريشا كانت مشغولة دوما بالتجارة والكسب.
وقيل : إنّ معنى «القرش» التفتيش والمراجعة ، وسمّيت قريش بذلك لتفقدها أحوال الحجاج والمسارعة لمساعدتهم.
و «القرش» في اللغة ورد بمعنى الاجتماع أيضا ، وإذا كان هذا المعنى مقصودا في التسمية فذلك يعود إلى ما كانت تتصف به هذه القبيلة من اجتماع وانسجام.
على أي حال اسم قريش لم يقترن بسمعة طيبة. فهم وإن كانوا عشيرة الرسول ـ إلّا أنّهم ناصبوا الإسلام أشدّ العداء ، ولم يألوا جهدا في وضع العراقيل أمام الدعوة والوقوف بوجهها وتعذيب الدعاة ، وبعد انتصار الإسلام عليهم ،