وكالنّار من الحجر ...» (١).
بناء على هذه الرّواية ، للتولد معنى واسع يشمل خروج وتفرع كلّ شيء من شيء ، وهذا في الحقيقة المعنى الثّاني للآية. ومعناها الأوّل هو المعنى الظاهر الذي ينفي أن يكون الباري سبحانه من أب أو أن يكون له ابن أضف إلى ذلك ، المعنى الثّاني قابل للفهم عند تحليل المعنى الأوّل. لأنّ الله سبحانه إنّما لم يكن له ولد لأنّه منزّه عن عوارض المادة ، وهذا المعنى يصدق بشأن سائر عوارض المادة الاخرى.
ثمّ تبلغ الآية الأخيرة غاية الكمال في أوصاف الله تعالى.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٢) أي ليس له شبيه ومثل إطلاقا.
«الكفو» : هو الكفء في المقام والمنزلة والقدر. ثمّ أطلقت الكلمة على كلّ شبيه ومثيل.
استنادا إلى هذه الآية ، الله سبحانه منزّه عن عوارض المخلوقين وصفات الموجودات وكلّ نقص ومحدودية. وهذا هو التوحيد الذاتي والصفاتي ، مقابل التوحيد العددي والنوعي الذي جاء في بداية تفسير هذه السّورة.
من هنا فهو تبارك وتعالى لا شبيه له في ذاته ، ولا نظير له في صفاته ، ولا مثيل له في أفعاله ، وهو متفرد لا نظير له من كلّ الجهات.
أمير المؤمنين علي عليهالسلام يقول في إحدى خطب نهج البلاغة : «لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا ... ولا كفء له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه» (٣).
هذا التّفسير الرائع يكشف عن أسمى معاني التوحيد وأدقّها.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢٤.
(٢) «أحد» اسم كان و «كفوا» خبرها.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٦.