الشياطين يمزجون أعمالهم دائما بالتستر. ويرمون بالقاءاتهم في الإنسان بطريقة خفية حتى يخال الإنسان أن هذه الإلقاءات من بنات أفكاره ، وهذا ما يؤدي إلي ضلاله وغوايته.
عمل الشيطان هو التزيين ، وإخفاء الباطل تحت طلاء الحق ، والكذب في قشر من الصداق ، والذنب في لباس العبادة ، والضلال خلف ستار الهداية.
وبإيجاز ، الموسوسون متسترون ، وطرقهم خفية ، وفي هذا تحذير لكل سالكي طريق الله أن لا يتوقعوا رؤية الشياطين في صورتهم الأصلية ، أو رؤية مسلكهم على شكله المنحرف. أبدا ... فهم موسوسون خناسون ... وعملهم الحيلة والمكر والخداع والتظاهر والرياء وإخفاء الحقيقة.
لو أنّ هؤلاء أماطوا اللثام عن وجههم الحقيقي ، ولم يخلطوا الحق بالباطل ؛ لو أن هؤلاء قالوا كلمتهم صريحة واضحة «لم يخف على المرتادين» كما يقول أمير المؤمنين علي عليهالسلام نعم لم يخف في هذه الحالة على روّاد طريق الحق. ولكنّهم يأخذون شيئا من هذا وشيئا من ذاك فيخلطونه وبذلك تنطلي حيلتهم على الآخرين أو كما يقول علي عليهالسلام : «فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه» (١).
عبارة «يوسوس» وعبارة «في صدور النّاس» تأكيد على هذا المعنى.
جملة (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) تنبيه على حقيقة هامّة هي إن «الوسواس الخناس» لا ينحصر وجوده في مجموعة معينة ، ولا في فئة خاصّة ، بل هو موجود في الجن والإنس ... في كل جماعة وفي كل ملبس ، فلا بدّ من الحذر منه أينما كان ، والاستعاذة بالله منه في كل أشكاله وصوره.
أصدقاء السوء ، والجلساء المنحرفون ، وأئمة الظلم والضلال ، والولاة الجبابرة الطواغيت ، والكتاب والخطباء الفاسدون ، والمدارس الإلحادية والالتقاطية
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٥٠.