الواسع العميق الذي يجد فيه الغواص درّا جديدا كلما ازداد فيه غوصا.
هذه الحقيقة تتّضح لكلّ السالكين طريق القرآن ، وتبعث فيهم الشوق والاندفاع نحو طلب المزيد من مائدة كتاب الله ، ونحو مواصلة هذا الطريق حتى نهاية رحلة العمر.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام قال في حديثه عن القرآن : «فيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره». (١)
وهذه حقيقة اخرى تلمّسناها خلال جولتنا في رحاب القرآن الكريم. وكلما عاش الإنسان جوّ القرآن أكثر يحسّ بتفتح جديد في القلب والروح. وهذا الإحساس واضح لكلّ من دخل غمار التجربة. وباب الدخول مفتوح لمن أراد أن يجرّب.
٢ ـ من خلال هذه الجولة التّفسيرية تبيّن مدى شمول التعاليم القرآنية ، واتضح أنّ القرآن الكريم لم يترك مجالا من المجالات الحيويّة في الساحة الإنسانية دون أن يبيّن أصولها ويعيّن إطارها (التفاصيل تكفلت السنّة ببيانها).
من هنا لا يحتاج الإنسان المسلم في تنظيم حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى أن يولّي وجهه شطر مدارس الشرق أو الغرب ، وكما قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام: «واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنى». (٢)
مشكلة المسلمين تكمن في عدم معرفتهم بما بين ظهرانيهم من كنز عظيم :
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ |
|
والماء فوق ظهورها محمول |
وهنا نشير مرّة اخرى إلى أن معارف القرآن وتعاليمه لا يمكن أن نتلقاها من
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٦.
(٢) المصدر السابق.