ابن زياد ، فما اخطأ ولا كاد ، ولم يزل يتتبع القرامطة بالقتل والسبي ، حتى أفناهم ، ولم يبق منهم إلّا طائفة قليلة بناحية مسور كاتمين أمرهم لهم رئيس يقال له : ابن الطفيل ، فقتله ابراهيم عبد الحميد ، فانتقلت الدعوة إلى رجل يعرف بابن دحيم ، فكان لا يستقر في موضع خوفا من ابن عبد الحميد ، وكان يستمد سلطته الروحية من إمامه المعز ، وكان إذ ذاك بمصر ، كما أشار اليه الخزرجي (١) والذي في (الخطط للمقريزي) ان دخول المعز لدين الله الفاطمي مصر كان سنة ٣٦٢.
ولما حانت وفاة مقيم الدعوة المذكور استخلف رجلا من شبام (٢) يقال له يوسف ابن الأسد فقام بما عهد إليه إلى أن مات ، واستخلف سليمان بن عبد الله الزواحي ، وهو رجل من حمير ينسب إلى قرية من أعمال حراز يقال لها الزواحى ، فقام الزّواحي ببثّ الدعوة واستمالة الرّعاع بالمال ، وكل ما هم به احد دافع بالجميل (٣) ، وأظهر التبري من كل نحلة غير الإسلام ، وكان فيه كرم نفس ، وإفضال على النّاس ، ولما حضرته الوفاة استخلف علي بن محمد الصليحي وسيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء الله (٤).
وفي (أنباء الزمن) (٥) بأن ابراهيم بن عبد الحميد استمر على ولايته إلى أن مات ، وقام بعده ولده المنتاب ابن ابراهيم ، وهو الذي ينسب إليه مسور فيقال : (مسور المنتاب) ولما استقل بالأمر بعد ابيه في تلك الجهة كتب الى المعز العبيدي إلى مصر ، ولما حضرته الوفاة استخلف رجلا من شبام يعرف بابن الاسد (٦) ، فقام بالدّعوة إلى أن حضرته الوفاة فاستحلف سليمان بن
__________________
(١) انظر العسجد المسبوك ص ٤٥.
(٢) لعلها شبام حراز.
(٣) وكان هذا المسلك سياسة خلفه علي بن محمد الصليحي.
(٤) الخزرجي واللآلىء المضيئة وقرة العيون.
(٥) غاية الأماني ص ٢٢١.
(٦) في الغاية سيف بن الأسد.